بضم النون وسكون الباء الموحدة فذال معجمة أي قطعة (من قسط) بضم القاف وسكون السين المهملة. في النهاية أنه ضرب من الطيب وقيل العود (أو أظفار) يأت تفسيره (متفق عليه). وهذا لفظ مسلم ولأبي داود والنسائي من الزيادة ولا تختضب وللنسائي ولا تمتشط). الحديث فيه مسائل. الأولى: تحريم إحداد المرأة فوق ثلاثة أيام على أي ميت من أب أو غيره وجوازه ثلاثا عليه. وعلى الزوج فقط أربعة أشهر وعشرا. إلا أنه أخرج أبو داود في المراسيل من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمرأة أن تحد على أبيها سبعة أيام وعلى من سواه ثلاثة أيام. فلو صح كان مخصصا للأب من عموم النهي في حديث أم عطية إلا أنه مرسل لا يقوى على التخصيص. الثانية: في قوله امرأة اخراج للصغيرة بمفهومه فلا يجب عليها الاحداد على الزوج فلا تنهى عن الاحداد على غيره أكثر من ثلاثة وإليه ذهب الحنفية والهادي. وذهب الجمهور إلى أنها داخلة في العموم وأن ذكر المرأة خرج مخرج الغالب والتكليف على وليها في منعها من الطيب وغيره ولأن العدة واجبة على الصغيرة كالكبيرة ولا تحل خطبتها. الثالثة: في قوله على ميت دليل على أنه لا إحداد على المطلقة فإن كان رجعيا فإجماع. وإن كان بائنا فذهب الجمهور إلى أنه لا إحداد عليها وهو قول الهادي والشافعي ومالك ورواية عن أحمد لظاهر قوله على ميت. وإن كان مفهوما فإنه يؤيده أن الاحداد شرع لقطع ما يدعو إلى الجماع، وكان هذا في حق المتوفى عنها لتعذر رجوعها إلى الزوج. وأما المطلقة بائنا فإنه يصح أن تعود مع زوجها بعقد إذا لم تكن مثلثة أي مطلقة ثلاثا. وذهب آخرون منهم علي وزيد بن علي وأبو حنيفة وأصحابه إلى وجوب الاحداد على المطلقة بائنا قياسا على المتوفى عنها لأنهما اشتركتا في العدة واختلفتا في سببها. ولأن العدة تحرم النكاح فحرمت دواعيه والقول الأول أظهر دليلا.
الرابعة: أنه لا دلالة في الحديث على وجوب الاحداد وإنما دل على حله على الزوج الميت.
وذهب إلى وجوبه أكثر العلماء لما أخرجه أبو داود من حديث سلمة أنها قالت: دخل على سول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة وقد جعلت علي صبرا، الحديث سيأتي ورواه النسائي. قال ابن كثير: وفي سنده غرابة قال: ولكن رواه الشافعي عن مالك أنه بلغه عن أم سلمة فذكره وهو مما يتقوى به الحديث ويدل على أن له أصلا.
ولما أخرجه عنها أيضا أحمد وأبو داود والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل قال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد لكن رواه البيهقي موقوفا عليها. وذهب الحسن والشعبي أن المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها زوجها تكتحلان وتمتشطان وتتطيبان وتتقلدان وتنتعلان وتصبغان ما شاءتا. واستدلا بما أخرجه أحمد وصححه ابن حبان من حديث أسماء بنت عميس قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم الثالث من قتل جعفر بن أبي طالب فقال: لا تحدي بعد يومك هذا لفظ أحمد. وله ألفاظ كلها دالة على أمره صلى الله عليه وسلم لها بعدم الاحداد بعد ثلاث وهذا ناسخ لأحاديث أم سلمة في الاحداد لأنه بعدها