بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) *. قالوا: فالآية الكريمة فيها عموم وخصوص من وجه. وقوله * (وأولات الأحمال أجلهن) * كذلك فجمع بين الدليلين بالعمل بهما والخروج من العهدة بيقين بخلاف ما إذا عمل بأحدهما. وأجيب عنه بأن حديث سبيعة نص في الحكم مبين بأن آية النساء القصرى شاملة للمتوفى عنها زوجها وأيد حديثها ما سمعته من الأحاديث والآثار.
وأما الرواية عن علي رضي الله عنه فقال الشعبي: ما أصدق أن علي بن أبي طالب كان يقول عدة المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين. وهذا وكلام الزهري صريح أنه يعقد بها وإن كانت لم تطهر من دم نفاسها وإن حرم وطؤها لأجل علة أخرى هي بقاء الدم. وقال النووي في شرح مسلم: قال العلماء من أصحابنا وغيرهم سواء كان الحمل ولدا أو أكثر كامل الخلقة أو ناقصها أو علقة أو مضغة فإنها تنقضي العدة بوضعه إذا كان فيه صورة خلقة آدمي سواء كانت صورة خفية تختص النساء بمعرفتها أو صورة جلية يعرفها كل أحد. وتوقف ابن دقيق العيد فيه من أجل أن الغالب في إطلاق وضع الحمل هو الحمل التام المتخلق وأما خروج المضغة والعلقة فهو نادر والحمل على الغالب أقوى. قال المصنف: ولهذا نقل عن الشافعي قول بأن العدة لا تنقضي بوضع قطعة لحم ليس فيها صورة بينة ولا خفية.
وظاهر الحديث والآية الاطلاق فيما يتحقق كونه حملا وأما ما لا يتحقق كونه حملا فلا، لجواز أنه قطعة لحم والعدة لازمة بيقين فلا تنقضي بمشكوك فيه.
2 - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرت) مغير الصيغة والآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم (بريرة أن تعتد بثلاث حيض رواه ابن ماجة ورواته ثقات لكنه معلول) وقد ورد ما يؤيده وهو دليل على أن العد تعتبر بالمرأة عند من يجعل عدة المملوكة دون عدة الحرة لا بالزوج، على القول الأظهر من أن زوج بريرة كان عبدا.
3 - (وعن الشعبي) هو أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد الله الشعبي الهمذاني الكوفي تابعي جليل القدر فقيه كبير. قال ابن عيينة: كان ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه. مر ابن عمر بالشعبي وهو يحدث بالمغازي فقال: شهدت القوم وهو أعلم بها مني وقال الزهري: العلماء أربعة ابن المسيب بالمدينة والشعبي بالكوفة والحسن البصري بالبصرة ومكحول بالشام. ولد الشعبي في خلافة عمر كما في الكاشف للذهبي وقيل: لست خلت من خلافه عثمان ومات سنة أربع ومائة وله اثنتان وستون سنة (عن فاطمة بنت قيس عن النبي (ص) في المطلقة ثلاثا: ليس لها سكنى ولا نفقة رواه مسلم). الحديث دليل على أن المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة ولا سكنى وفي المسألة خلاف.
ذهب إلى ما أفاده الحديث: ابن عباس والحسن وعطاء والشعبي وأحمد في إحدى الروايات القاسم والامامية وإسحاق وأصحابه وداود وكافة أهل الحديث مستدلين بهذا الحديث. وذهب عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز والحنفية والثوري وغيرهم إلى أنها تجب لها النفقة ولا سكنى مستدلين على الأول بقوله تعالى: * (أسكنوهن من حيث سكنتم) * وهذا في الحامل، وبالإجماع في الرجعية على أنها تجب لها النفقة. وعلى الثاني بقوله تعالى - أسكنوهن من حيث سكنتم -