أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل وإن كان مفطرا فليطعم أخرجه مسلم). فيه دليل على أنه يجب على من كان صائما أن لا يعتذر بالصوم ثم إنه قد اختلف في المراد من الصلاة. فقال الجمهور: المراد فليدع لأهل الطعام بالمغفرة والبركة وقيل المراد بالصلاة المعروفة أي يشتغل بالصلاة ليحصل فضلها وينال بركتها أهل الطعام والحاضرون وظاهره أنه لا يلزمه الافطار ليجيب. فإن كان صومه فرضا فلا خلاف أنه يحرم عليه الافطار وإن كان نفلا جاز له. وظاهر قوله: فليطعم وجوب الأكل وقد اختلف العلماء في ذلك والأصح عند الشافعية أنه لا يجب الأكل في طعام الوليمة ولا غيرها، وقيل: يجب لظاهر الامر وأقله لقمة ولا تجب الزيادة. وقال من لم يوجب الأكل الامر للندب والقرينة الصارفة إليه قوله:
5 - (وله) أي (من حديث جابر رضي الله عنه نحوه وقال: فإن شاء طعم وإن شاء ترك) فإنه خيره والتخيير دليل على عدم الوجوب للأكل ولذلك أورده المصنف عقيب حديث أبي هريرة.
6 - (وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلح م:
طعام الوليمة أول يوم حق) أي واجب أو مندوب (وطعام يوم الثاني سنة وطعام يوم الثالث سمعة ومن سمع سمع الله به رواه الترمذي واستغربه) وقال: لا نعرفه إلا من حديث زياد بن عبد الله البكائي وهو كثير الغرائب والمناكير. قال المصنف:
كالراد على الترمذي ما لفظه: (ورجاله رجال الصحيح) إلا أنه قال المصنف إن زيادا مختلف فيه وشيخه عطاء بن السائب اختلط وسماعه منه بعد اختلاطه انتهى. قلت:
وحينئذ فلا يصح قوله إن رجاله رجال الصحيح ثم قال: (وله شاهد عن أنس عند ابن ماجة) وفي إسناده عبد الملك بن حسين وهو ضعيف وفي الباب أحاديث لا تخلو عن مقال. والحديث دليل على شرعية الضيافة في الوليمة يومين ففي أول يوم واجبة كما يفيده لفظ حق لأنه الثابت اللازم وتقدم الكلام في ذلك. وفي اليوم الثاني سنة أي طريقة مستمرة يعتاد الناس فعلها لا يدخل صاحبها الرياء والتسميع. وفي اليوم الثالث رياء وسمعة فيكون فعلها حراما والإجابة إليها كذلك وعليه أكثر العلماء. قال النووي: إذا أولم ثلاثا فالإجابة في اليوم الثالث مكروهة وفي اليوم الثاني لا تجب مطلقا ولا يكون استحبابها فيه كاستحبابها في اليوم الأول. وذهب جماعة إلى أنه لا تكره في الثالث لغير المدعو في اليوم الأول والثاني لأنه إذا كان المدعوون كثيرين ويشق جمعهم في يوم واحد فدعا في كل يوم فريقا لم يكن في ذلك رياء ولا سمعة وهذا قريب. وجنح البخاري إلى أنه لا بأس بالضيافة ولو إلى سبعة أيام حيث قال: باب حق إجابة الوليمة والدعوة ومن أولم سبعة أيام ونحوه ولم يوقت النبي (ص) يوما ولا يومين. وأشار بذلك إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق حفصة بنت سيرين قالت: لما تزوج أبي دعا الصحابة سبعة أيام وفي رواية ثمانية أيام، وإليها