فيه، وصححه الترمذي). فيه دلالة على تحريم النفخ في الاناء وأخرج الترمذي من حديث أبي سعيد: أن النبي (ص) نهى عن النفخ في الشراب فقال رجل: القذاة أراها في الاناء، فقال: أهرقها. قال: فإني لا أروى من نفس واحد، قال: فأبن القدح عن فيك ثم تنفس في الشرب ثلاث مرات. من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تشربوا واحدا أي شربا واحدا كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنت رفعتم وأفاد أن المرتين سنة أيضا، نعم. وقد ورد النهي عن الشرب من فم السقاء فأخرج الشيخان من حديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب من في السقاء. وأخرجا من حديث أبي سعيد قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية، زاد في رواية: واختناثها أن يقلب رأسها ثم يشرب منه. وقد عارضه حديث كبشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة فقمت إلى فيها فقطعته أي أخذته شفاء نتبرك به ونستشفى به. أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب صحيح. وأخرجه ابن ماجة، وجمع بينهما بأن النهي إنما هو في السقاء الكبير والقربة هي الصغيرة. أو أن النهي للتنزيه لئلا يتخذه الناس عادة دون الندرة. وعلة النهي أنها قد تكون فيه دابة فتخرج إلى في الشارب فيبتلعها مع الماء كما ورد أنه شرب رجل من في السقاء فخرجت منه حية. وكذلك ثبت النهي عن الشرب قائما. فأخرج مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يشربن أحدكم قائما فمن نسي فليستقئ أي يتقيأ، وفي رواية عن أنس زجر عن الشرب قائما، قال قتادة: قلنا فالاكل، قال: أشد وأخبث. ولكنه عارضه ما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس قال: سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم. وفي لفظ: أن رسول الله (ص) شرب من زمزم وهو قائم. وفي صحيح البخاري أن عليا رضي الله عنه شرب قائما وقال: رأيت رسول الله (ص) فعل كما رأيتموني. وجمع بينهما بأن النهي للتنزيه فعله صلى الله عليه وسلم بيانا لجواز ذلك فهو واجب في حقه (ص) لبيان التشريع وقد وقع منه (ص) مثل هذا في صور كثيرة. وأما التقيؤ لمن شرب قائما فإنه يستحب للحديث الصحيح الوارد بذلك وظاهر حديث التقيؤ أنه يستحب مطلقا لعامد وناس ونحوهما.
وقال القاضي عياض: إنه من شرب ناسيا فلا خلاف بين العلماء أنه ليس عليه أن يتقيأ، نعم ومن آداب الشرب أنه إذا كان عند الشارب جلساء وأراد أن يعمم الجلساء أن يبدأ بمن عن يمينه كما أخرج الشيخان من حديث أنس: أنه أعطى (ص) القدح فشرب وعن يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي فقال عمر: أعط أبا بكر يا رسول الله، فأعطى الاعرابي الذي عن يمينه ثم قال: الأيمن فالأيمن. وأخرجا من حديث سهل بن سعد قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم هو عبد الله بن عباس والأشياخ عن يساره فقال: يا غلام أتأذن أن أعطيه الأشياخ؟ فقال: