عليه وأنه لفسق) *، وقيل: لخروجها عن حكم غيرها بالايذاء والافساد وعدم الانتقاع ، فهذه ثلاث علل استخرجها العلماء في حل قتل هذه الخمس. ثم اختلف أهل الفتوى فمن قال بالأول، ألحق بالخمس كل ما جاز قتله للحلال في الحرم. ومن قال بالثاني ألحق كل ما لا يؤكل إلا ما نهي عن قتله. وهذا قد يجامع الأول، ومن قال بالثالث خص الالحاق بما يحصل منه الافساد قاله المصنف في فتح الباري قلت: ولا يخفى أن هذه العلل لا دليل عليها فيبعد الالحاق لغير المنصوص بها، والأحوط عدم الالحاق وبه قالت الحنفية إلا أنهم ألحقوا الحية لثبوت الخبر والذئب لمشاركته للكلب في الكلبية وألحقوا بذلك من ابتدأ بالعدوان والأذى من غيرها. قال ابن دقيق: والتعدية بمعنى الأذى إلى كل مؤذ قوي بالنظر إلى تصرف أهل القياس، فإنه ظاهر من جهة الايمان بالتعليل بالفسق، وهو الخروج عن الحد انتهى. قلت: ولا يخفى أنه قد اختلف في تفسير فسقها على ثلاثة أقوال كما عرفت فلا يتم تعيين واحد منها علة بالايماء فلا يتم الالحاق به. وإذا جاز قتلهن للمحرم جاز للحلال بالأولى، وقد ورد بلفظ يقتلن في الحل والحرم عند مسلم، وفي لفظ ليس على المحرم في قتلهن جناح فدل أنه يقتلها المحرم في الحرم وفي الحل بالأولى. وقوله: يقتلن إخبار بحل قتلها وقد ورد بلفظ نفي الجناح ونفي الحرج على قاتلهن فدل على حمل الامر على الإباحة. وأطلق في هذه الرواية لفظ الغراب، وقيد عند مسلم من حديث عائشة بالأبقع وهو الذي في ظهره أو بطنه بياض، فذهب بعض أئمة الحديث إلى تقييد المطلق بهذا وهي القاعدة في حمل المطلق على المقيد. والقدح في هذه الزيادة بالشذوذ وتدليس الراوي مدفوع بأنه صرح الراوي فلا تدليس وبأنها زيادة من عدل ثقة حافظ فلا شذوذ.
قال المصنف: قد اتفق العلماء على اخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب، ويقال له غراب الزرع، وقد احتجوا بجواز أكله فبقي ما عداه من الغربان ملحقا بالأبقع. والمراد بالكلب : هو المعروف وتقييده بالعقور يدل أنه لا يقتل غير العقور ونقل عن أبي هريرة تفسير الكلب العقور: بالأسد، وعن زيد بن أسلم تفسيره: بالحية، وعن سفيان أنه الذئب خاصة ، وقال مالك: كل ما عقر الناس وأخافهم وعدا عليهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب هو الكلب العقور، ونقل عن سفيان وهو قول الجمهور واستدل لذلك بقوله (ص) : اللهم سلط عليهم كلبا من كلابك فقتله الأسد، وهو حديث حسن أخرجه الحاكم.
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي (ص) احتجم وهو محرم) وذلك في حجة الوداع بمحل يقال له لحي جبل بين مكة والمدينة (متفق عليه). دل على جواز الحجامة للمحرم، وهو إجماع في الرأس وغيره إذا كان لحاجة فإن قلع من الشعر شيئا كان عليه فدية الحلق وإن لم يقلع فلا فدية عليه. وإن كانت الحجامة لغير عذر، فإن كانت في الرأس حرمت إن قطع معها شعر لحرمة قطع الشعر وإن كانت في موضع لا شعر فيه فهي