مكة من أراد منكم العمرة فليجعل بينه وبينها بطن محسر وقال أيضا: من أراد من أهل مكة أن يعتمر خرج إلى التنعيم ويجاوز الحرم فآثار موقوفة لا تقاوم المرفوع، وأما ما ثبت من أمره (ص) لعائشة بالخروج إلى التنعيم بعمرة فليرد إلا تطييب قلبها بدخولها إلى مكة معتمرة كصواحباتها، لأنها أحرمت بالعمرة معه ثم حاضت فدخلت مكة ولم تطف بالبيت كما طفن، كما يدل له قولها قلت: يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد قال: انتظري فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه. الحديث، فإنه محتمل أنها إنما أرادت أن تشابه الداخلين من الحل إلى مكة بالعمرة ويدل أنها لا تصح العمرة إلا من الحل لمن صار في مكة ومع الاحتمال لا يقاوم حديث الكتاب، وقد قال طاوس: لا أدري الذي يعتمرون من التنعيم يؤجرون أو يعذبون، قيل له: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع البيت والطواف ويخرج إلى أربعة أميال ويجئ أربعة أميال قد طاف مائتي طواف وكلما طاف كان أعظم أجرا من أن يمشي في غير ممشى، إلا أن كلامه في تفضيل الطواف على العمرة. قال أحمد: العمرة بمكة من الناس من يختارها على الطواف، ومنهم من يختار المقام بمكة والطواف، وعند أصحاب أحمد أن المكي إذا أحرم للعمرة من مكة كانت عمرة صحيحة قالوا: ويلزمه دم لما ترك من الاحرام من الميقات. قلت: ويأتيك أن إلزامه الدم لا دليل عليه.
(وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي (ص) وقت لأهل العراق ذات عرق) بكسر العين المهملة وسكون الراء بعدها قاف، بينه وبين مكة مرحلتان، وسمي بذلك: لان فيه عرقا وهو الجبل الصغير (رواه أبو داود والنسائي وأصله عند مسلم من حديث جابر إلا أن رواية شك في رفعه) لان في صحيح مسلم عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله سئل عن المهل فقال: سمعت - أحسبه رفع إلى النبي (ص) - فلم يجزم برفعه (وفي صحيح البخاري أن عمر هو الذي وقت ذات عرق) وذلك أنها لما تفتحت البصرة والكوفة - أي أرضهما، وإلا فإن الذي مصرهما المسلمون طلبوا من عمر أن يعين لهم ميقاتا فعين له ذات عرق وأجمع عليه المسلمون. قال أبي تيمية في المنتقى: والنص بتوقيت ذات عرق ليس في القوة كغيره، فإن ثبت فليس ببدع وقوع اجتهاد عمر على وفقه، فإنه كان موافقا للصواب، كأن عمر لم يبلغه الحديث فاجتهد بما وافق النص، هذا وقد انعقد الاجماع على ذلك، وقد روى رفعه بلا شك من حديث أبي الزبير عن جابر عند ابن ماجة، ورواه أحمد مرفوعا عن جابر بن عبد الله، وعن ابن عمرو وفي إسناده الحجاج بن أرطاة. ورواه أبو داود والنسائي والدار قطني وغيرهم من حديث عائشة: أنه (ص) وقت لأهل العراق ذات عرق. بإسناد جيد، ورواه عبد الله بن أحمد أيضا عنها، وقد ثبت مرسلا عن مكحول، وعطاء، قال ابن تيمية: وهذه الأحاديث المرفوعة الجياد الحسان يجب العمل بمثلها مع تعددها ومجيئها مسندة ومرسلة من وجوه شتى وأما ما ذكره بقوله:
(وعند أحمد وأبي داود والترمذي عن ابن عباس: أن النبي (ص) وقت لأهل المشرق العقيق. فإنه وإن قال فيه الترمذي: إنه حسن، فإن مداره على يزيد