فلا يجوز نقله إلى غيرها بغير رضاه كما لا يجوز أن يجبره على أن يأخذ بالدين عرضا. فأما المحال عليه فقال مالك لا يعتبر رضاه إلا أن يكون المحتال عدوه، وللشافعي في اعتبار رضائه قولان أحدهما يعتبر وهو يحكى عن الزهري لأنه أحد من تتم به الحوالة فأشبه المحيل والثاني لا يعتبر لأنه اقامه في القبض مقام نفسه فلم يفتقر إلى رضى من عليه الحق كالتوكيل.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا اتبع أحدكم على ملئ فليتبع ولان للمحيل أن يوفي الحق الذي عليه بنفسه وبوكيله وقد أقام المحال عليه مقام نفسه في التقبيض فلزم المحال القبول كما لو وكل رجلا في إبقائه وفارق ما إذا أراد أن يعطيه عما في ذمته عرضا لأنه يعطيه غير ما وجب له فلم يلزمه قبوله.
(فصل) إذا أحال رجلا على زيد بألف فأحاله زيد بها على عمرو فالحوالة صحيحة لأن حق الثاني ثابت مستقر في الذمة فصح أن يحيل به كالأول وهكذا لو أحال الرجل عمرا على زيد بما يثبت له في ذمته صح أيضا لما ذكرنا وتكرر المحتال والمحيل لا يضر.
(فصل) إذا اشترى عبدا فأحال المشتري البائع بالثمن ثم ظهر العبد حرا أو مستحقا فالبيع باطل والحوالة باطلة لأننا تبينا أنه لا ثمن على المشتري وإنما تثبت حريته ببينة أو اتفاقهم، فإن اتفق المحيل والمحال عليه على حريته وكذبهما المحتال ولا بينة بذلك لم يقبل قولهما عليه لأنهما يبطلان حقه أشبه ما لو باع المشتري العبد ثم اعترف هو وبائعه أنه كان حرا لم يقبل قولهما على المشتري الثاني