المضمون عنه لو ألزم نفسه تعجيل هذا الدين لم يلزمه تعجيله فبأن لا يلزم الضامن أولى ولأن الضمان التزام دين في الذمة فلا يجوز أن يلتزم مالا يلزم المضمون عنه، فعلى هذا إن قضاه حالا لم يرجع به قبل أجله لأن ضمانه لم يغيره عن تأجيله، والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها أن الدين الحال ثابت في الذمة مستحق القضاء في جميع الزمان فإذا ضمنه مؤجلا فقد التزم بعض ما يجب على المضمون عنه فصح كما لو كان الدين عشرة فضمن خمسة وأما الدين المؤجل فلا يستحق قضاؤه الا عند أجله فإذا ضمنه حالا التزم ما لم يجب على المضمون فأشبه ما لو كان الدين عشره فضمن عشرين، وقيل يحتمل أن يصح ضمان الدين المؤجل حالا كما يصح ضمان الحال مؤجلا قياسا لإحداهما على الأخرى وقد فرقنا بينهما بما يمنع القياس إن شاء الله تعالى (فصل) وإذا ضمن دينا مؤجلا عن إنسان فمات أحدهما اما الضامن واما المضمون عنه فهل يحل الدين على الميت منهما؟ على روايتين تقدم ذكرهما فإن قلنا يحل على الميت لم يحل على الآخر لأن الدين لا يحل على شخص بموت غيره فإن كان الميت المضمون عنه لم يستحق مطالبة الضامن قبل الاجل فإن قضاه قبل الاجل كان متبرعا بتعجيل القضاء وهل له مطالبة المضمون عنه قبل الاجل؟ يخرج على الروايتين فيمن قضى بغير اذن من هو عليه، وإن كان الميت الضامن فاستوفى الغريم الدين من تركته لم يكن لورثته مطالبة المضمون عنه حتى يحل الحق لأنه مؤجل عليه فلا يستحق مطالبته به قبل أجله وهذا مذهب الشافعي، وحكي عن زفر أن لهم مطالبته لأنه أدخله في ذلك مع عمله أنه يحل بموته، ولنا أنه دين مؤجل فلا تجوز مطالبته به قبل الاجل كما لو يمت وقوله أدخله فيه قلنا إنما ادخله في المؤجل وحلوله بسبب من جهته فهو كما لو قضى قبل الاجل (مسألة) قال (ولا يبرأ المضمون عنه الا بأداء الضامن) يعني ان المضمون عنه لا يبرأ بنفس الضمان كما يبرأ المحيل بنفس الحوالة قبل القبض بل يثبت الحق في ذمة الضامن مع بقائه في ذمة المضمون عنه ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما في الحياة
(٨١)