ولو أدى الردئ مكان الجيد لا يجوز، لان الجودة متقومة في هذا الباب، ولهذا لو أدى الثوب الجيد عن الثوبين الرديئين - جاز.
فأما إذا كان مال الزكاة من أموال الربا، كالكيلي والوزني، فإن أدى ربع عشر النصاب يجوز، كيفما كان. وإن أدى غيره، فلا يخلو إما أن أدى زكاته من جنسه، أو من خلاف جنسه:
فإن أدى من خلاف جنسه، كما إذا أدى الفضة عن الذهب أو الحنطة عن الشعير، فإنه يؤدي قدر قيمة الواجب، بلا خلاف.
ولو أدى النقص منها، فإنه يجب عليه التكميل، لان الجودة في أموال الربا، معتبرة متقومة، عند المقابلة بخلاف الجنس.
فأما إذا كان المؤدى من جنس النصاب: فقد اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال.
قال أبو حنيفة وأبو يوسف: المعتبر هو القدر دون القيمة.
وقال: المعتبر هو القيمة دون القدر.
وقال محمد: المعتبر ما هو الأنفع للفقراء فإن كان اعتبار القيمة أنفع فقوله مثل قول زفر، وإن كان اعتبار القدر أنفع فقوله مثل قول أبي حنيفة وأبي يوسف.
بيان ذلك أن من وجب عليه أداء خمسة أقفزة من حنطة جيدة في مائتي قفيز حنطة جيدة للتجارة بعد حولان الحول، فأدى خمسة أقفزة رديئة، يجوز على قول أبي حنيفة وأبي يوسف، اعتبارا للقدر، ولا يضمن قيمة الجودة، لأنه لا قيمة لها في أموال الربا، عند مقابلتها بجنسها، وعلى قول محمد وزفر: عليه أن يؤدي قيمة الجودة اعتبارا للقيمة عند زفر، واعتبارا للأنفع في حق الفقراء عند محمد.