شئ من ذلك إلا عند التزاحم مع ما هو أهم كحفظ النفس أو العرض في بعض مراتبها، إلا في الدماء المحترمة، فإنه لا تقية فيها.
(مسألة 1722) إنما يجوز الدخول في الولاية في عمل مشروع في ذاته، إذا كان غرضه القيام بمصالح المسلمين وإخوانه في الدين، فعن الصادق عليه السلام (كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان) وعن زياد بن أبي سلمة قال (دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام فقال لي: يا زياد إنك لتعمل عمل السلطان؟ قال قلت أجل. قال لي: ولم؟ قلت: أنا رجل لي مروة وعلي عيال وليس وراء ظهري شئ. فقال لي: يا زياد لئن أسقط من حالق فأتقطع قطعة قطعة أحب إلي من أن أتولى لهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم إلا لماذا؟ قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: إلا لتفريج كربة عن مؤمن أو فك أسره أو قضاء دينه - إلى أن قال - يا زياد فإن وليت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك، فواحدة بواحدة، والله من وراء ذلك). وعن الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي قال (كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أستأذنه في أعمال السلطان، فقال:
لا بأس به ما لم تغير حكما ولم تبطل حدا، وكفارته قضاء حوائج إخوانكم).
بل لو كان دخوله فيها بقصد الاحسان إلى المؤمنين ودفع الضرر عنهم، كان راجحا، وقد ورد عن أئمتنا عليهم السلام الحث عليه والترغيب عليه، فقد روى الصدوق عن الكاظم عليه السلام (إن لله تبارك وتعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه) قال الصدوق: وفي خبر آخر (أولئك عتقاء الله من النار) وعن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال أبو الحسن الرضا عليه السلام (إن لله تعالى بأبواب الظالمين من نور الله به البرهان، ومكن له في البلاد، ليدفع بهم عن أوليائه، ويصلح الله بهم أمور المسلمين، إليهم يلجأ المؤمن من الضر، وإليهم يفزع ذو الحاجة من شيعتنا، وبهم يؤمن الله روعة المؤمن في دار الظلم، أولئك هم المؤمنون حقا، أولئك أمناء الله في أرضه - إلى أن قال - خلقوا والله للجنة وخلقت لهم، فهنيئا لهم، ما على أحدكم أن لو شاء لنال هذا كله. قال: قلت بماذا جعلني الله فداك؟ قال: يكون معهم فيسرنا بإدخال السرور على المؤمنين من شيعتنا، فكن منهم يا محمد).
(مسألة 1723) ربما كان الدخول في بعض المناصب والأعمال، على بعض الأشخاص أحيانا واجبا، كما إذا تمكن شخص بسببه من دفع مفسدة دينية أو منع بعض المنكرات مثلا، ومع ذلك ففي هذا العمل أخطار كثيرة إلا لمن عصمه الله تعالى.