الأول: المرور بالوطن، فإن المسافر إذا مر به في سفره وجب عليه الاتمام ما لم ينشئ سفرا جديدا، ونعني بالوطن: المكان الذي اتخذه مقرا لنفسه ومسكنا دائميا له لو خلي ونفسه، بحيث إذا لم يعرض ما يقتضي الخروج منه لم يخرج، سواء أكان مسقط رأسه أو استجده، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ذلك بالاستقلال أو يكون بتبعية غيره من زوج أو غيره، ولا يعتبر أن يكون له فيه ملك، ولا أن يكون قد أقام فيه ستة أشهر. ولا يكفي مجرد نية الوطن، بل لا بد من الإقامة بمقدار يصدق معها عرفا أن البلد وطنه.
أما المكان الذي يملك فيه منزلا قد أقام فيه ستة أشهر متصلة عن قصد ونية، فالظاهر أنه يجري عليه حكم الوطن.
والوطن قد يتعدد في الخارج، وذلك كأن يتخذ إنسان على نحو الدوام والاستمرار - مساكن لنفسه يسكن أحدها - مثلا - أربعة أشهر أيام الحر، ويسكن ثانيها أربعة أشهر أيام البرد، ويسكن الثالث باقي السنة -.
وإذا أعرض عن الوطن ومر في سفره به، فإن لم يتخذ وطنا في بلد آخر ولم يكن بانيا على اتخاذه وطنا يجب عليه التمام فيه، وإلا فالأحوط وجوب الجمع بين القصر والتمام.
تنبيه: لو قصد الإقامة في مكان مدة طويلة وجعله مقرا لنفسه - كما هو ديدن المهاجرين إلى النجف الأشرف أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم قاصدين الرجوع إلى أوطانهم بعد قضاء وطرهم - لم يكن ذلك وطنا له، نعم هو بحكم الوطن يتم الصلاة فيه، فإذا رجع إليه من سفر الزيارة - مثلا - أتم وإن لم يعزم على الإقامة فيه عشرة أيام، كما أنه يعتبر في جواز القصر في السفر منه إلى