الإمام عندنا لا يأمر بقتل من لا يجب قتله لأنه معصوم، لكن يجوز ذلك في الأمير فمتى أمره بقتل من لا يجب قتله، وعلم المأمور ذلك فقتله، من غير إكراه فإن القود على القاتل بلا خلاف، وإن لم يعلم أن قتله واجب إلا أنه اعتقد أن الإمام لا يأمر بقتل من لا يجب قتله، فقتله، فعند الشافعي لا قود على القاتل وإن القود على الإمام.
والذي يقتضيه مذهبنا أن هذا المأمور إن كان له طريق يعلم به أن قتله محرم، فأقدم من غير توصل إليه فإن عليه القود لأنه متمكن من العلم بذلك، وإن لم يكن من أهل ذلك فلا شئ عليه، وعلى الآمر القود (1).
وقد روي إن كان الآمر سيد العبد، وكان معتادا لذلك قتل السيد وخلد العبد الحبس، وإذا كان نادرا قتل العبد وخلد السيد الحبس (2).
في الخلاف: اختلفت روايات أصحابنا في أن السيد إذا أمر غلامه بقتل غيره فقتله، على من يجب القود؟ فرووا في بعضها: أن على الآمر القود. وفي بعضها: أن على العبد القود ولم يفصلوا.
والوجه في ذلك أنه إذا كان العبد مميزا عاقلا يعلم أن ما أمره به معصية، فإن القود على العبد، وإن كان صغيرا أو كبيرا لا يميز، ويعتقد أن جميع ما أمره سيده واجب عليه كان القود على السيد، قال الشيخ: والأقوى في نفسي أنه إن كان العبد عالما بأنه لا يستحق القتل، أو متمكنا من العلم به، فعليه القود، وإن كان صغيرا أو مجنونا (3) فإنه يسقط القود ويجب فيه الدية، قال الشافعي: إن كان العبد صغيرا لا يعقل ويعتقد أن كل ما يأمره سيده فعليه فعله أو كان كبيرا [203 / ب] أعجميا جاهلا يعتقد طاعة مولاه واجبة وحتما في كل ما يأمر به ولا يعلم أنه لا طاعة في معصية الله تعالى فعلى السيد القود لأن العبد منصرف عن رأيه فكان كالآلة بمنزلة السكين والسيف (4).
وإذا اجتمع ثلاثة في قتل واحد فأمسك أحدهم، وضرب الآخر وكان الثالث عينا لهم، قتل القاتل، وخلد الممسك الحبس وسملت عين الرقيب (5)، وبه قال: ربيعة في القاتل والممسك.
وقال الشافعي: إن أمسكه متلاعبا مازحا فلا شئ عليه، وإن أمسكه للقتل أو للضرب ولم يعلم أنه يقتله فقد عصى وأثم، وعليه التعزير، ورووا ذلك عن علي (عليه السلام) وإليه