وقوله (صلى الله عليه وآله): جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا (1)، والمسجد موضع السجود ولا يخرج جواز السجدة من هذا الظاهر إلا ما أخرجه دليل قاطع وهو إجماع الأمة على جوازها على ما ذكرناه وهو ما أنبتته الأرض مما لا يؤكل عادة ولا يلبس.
فصل في القبلة ومعرفتها القبلة هي الكعبة، فمن كان مشاهدا لها وجب عليه التوجه إليها، ومن شاهد المسجد ولم يشاهد الكعبة، وجب عليه التوجه إليه، ومن لم يشاهده توجه نحوه بلا خلاف (2) والحرم قبلة لمن كان خارجا عنه وخالف فيه الفقهاء فقال أصحاب الشافعي: كلف الناس التوجه إلى عين الكعبة.
وقال بعضهم: إلى الجهة التي فيها الكعبة وبه قال أبو حنيفة. (3) لنا قوله تعالى: {فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} (4) وهذا يدل على أن القبلة جهة الكعبة وجهة المسجد فلو زالت البنية صلى إلى جهتهما كما يصلي من هو أعلى موقفا منها وإذا ثبت أن القبلة جهة الكعبة لمن يراها بالاتفاق وجهة المسجد لمن لا يراها بالنص ثبت أن القبلة جهة الحرم لمن نأي عنه لأن أحدا لم يفرق بين الأمرين.
ومن صلى في جوف الكعبة صلى إلى أي جدرانها شاء على كراهية في الفريضة ولو صلى على سطحها أبرز من بين يديه شيئا منه.
خلافا للشافعية فإنهم لا يجوزون الصلاة على سطحها ولا في عرصتها إذا انهدمت الكعبة بل يجب أن يصلي خارج العرصة متوجها إليها (5).
لنا لو جازت الصلاة [17 / ب] خارج العرصة لجازت في العرصة إذا أبرز المصلي بين يديه شيئا منها والأول حسن فالثاني مثله والجامع بينهما التوجه إلى العرصة.
" وفرض المتوجه العلم بجهة القبلة، فإن تعذر العلم قام الظن مقامه.
ولا يجوز الاقتصار على الظن مع إمكان العلم، فمن فعل ذلك فصلاته باطلة، وإن