وما رووه من الأخبار في تحريم المتعة مع أنها آحاد، فيها اضطراب، لأن فيها أنه حرمها يوم خيبر في رواية ابن الحنفية عن أبيه. وروي الربيع بن سبرة (1) عن أبيه قال: كنت مع رسول الله - (صلى الله عليه وآله) - بمكة عام الفتح، فأذن في متعة النساء، فخرجت أنا وابن عمي وعلينا بردان لنفعل ذلك، فلقيتني امرأة فأعجبها حسني، فتزوجت بها، وكان الشرط عشرين ليلة فأقمت عندها ليلة، فخرجت فأتيت النبي - (صلى الله عليه وآله) - وهو بين الركن والمقام فقال: كنت أذنت لكم في متعة النساء وقد حرمها الله إلي يوم القيامة، فمن كان عنده شئ من ذلك فليخل سبيلها ولا يأخذ مما آتاها شيئا، وفي هذا ما ترى من الاضطراب، فإنه كان بين الوقتين قريب من ثلاث سنين.
فإن قالوا: حرمها يوم خيبر، وأعاد تحليلها بمكة، فإن هذا ساقط بالإجماع لأن أحدا لا يقول: أن النبي (عليه السلام) أباحها دفعتين وحرمها دفعتين، ودخل بينهما نسخ دفعتين، وكيف يدعي نسخها وقد قال عمر بن الخطاب: متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالا وأنا أنهي عنهما، وأعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج.
وابن عباس كان يفتي به. ويناظر فيها ومناظرته مع ابن الزبير فيها مشهورة ونظم الشعراء فيها القول فقال بعضهم:
أقول للشيخ لما طال مجلسه * يا شيخ هل لك في فتوى ابن عباس هل لك في قينة بيضاء تهكنه * يكون مثواك حتى يصدر الناس وقوله بذلك مجمع عليه ورجوعه من ذلك لا دليل عليه (2).
فصل وأما ملك اليمين فيكون بأحد أسباب التمليك، وإذا انتقلت إلى الملك بأحد أسباب التمليك لم يجز وطؤها حتى تستبرأ بحيضة أو بخمسة وأربعين يوما إن كانت ممن لا تحيض، إلا أن يكون البايع لها قد استبرأها قبل وهو ممن يوثق بأمانته، فإنه لا يجب على المشتري - و الحال هذه - استبراؤها، وإنما يستحب له ذلك. (3)