فصل إذا صد بعدو أو أحصر لمرض فلم يستطع النفوذ لأداء المناسك، فإن كان قارنا نفذ هديه، وإن كان متمتعا أو مفردا نفذ ما يبتاع به الهدي، فإذا بلغ محله، وهو يوم النحر، فليحلق رأسه، ويحل إن كان مصدودا بعدو من كل شئ أحرم منه، وإن كان محصورا بمرض تحلل من كل شئ إلا النساء حتى يطوف طواف النساء من قابل أو يطاف عنه. (1) لا يجوز للمحصور أن يتحلل إلا بهدي. وقال مالك: لا هدي عليه، لنا قوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي}. (2) وما روي عن جابر قال: أحصرنا مع رسول الله بالحديبية، فنحرنا البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة (3)، [81 / ب] وذلك عام في المرض والعدو معا. وليس لأحد أن يقول الآية خاصة في الإحصار بالعدو، لأنها نزلت حين صد المشركون عام الحديبية النبي والمسلمين عن البيت، لأن الكلام إذا خرج على سبب لم يجز قصره عليه، بل يجب حمله على عمومه، وإدخال السبب فيه، ولو أراد الإحصار بالعدو خاصة، لقال: {فإن حصرتم} لأنه مختص بالعدو ولم يقل {أحصرتم} من الإحصار المشترك بين العدو والمرض.
قال الكسائي (4) والفراء (5) وثعلب (6) وأكثر أهل اللغة: يقال: حصره المرض وأحصره العدو والمرض، وليس لأحد أن يقول: قوله تعالى في سياق الآية {فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة} دليل على أنه الإحصار بالعدو، لأن الأمن قد يكون من المرض، وهو أن يأمن زيادته، على أن لفظ الإحصار إذا كان حقيقة في المرض والعدو، كان قوله تعالى: {فإذا أمنتم} راجعا إلى بعض ما تناوله العموم، وهذا يمنع من دخول غير ما تعلق به التخصيص في الخطاب.
ولا يجوز ذبح هدي الإحصار إلا بمحله من البيت أو منى مع الاختيار، ومع الضرورة