الكفالة الكفالة إذا تكفل رجل بدين إنسان، وضمن إحضاره بشرط البقاء، صح بلا خلاف بين أبي حنيفة وغيره، والشافعي إلا ما رواه المروزي من قول آخر له.
لنا على من قال: لا يصح كفالة الأبدان قوله تعالى: {إلا أن يحاط بكم} (1) فطلب يعقوب منهم كفيلا ببدنه، وقالوا ليوسف {إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه} (2) وذلك كفالة بالبدن (3).
وإذا طولب بإحضاره، وهو حي، فلم يحضره، لزمه أداء ما ثبت عليه في قول من أجاز كفالة الأبدان. وإن مات قبل ذلك بطلت الكفالة ولم يلزمه أداء شئ مما كان عليه، بلا خلاف ممن أجاز هذه الكفالة إلا من مالك وابن سريج فإنهما قالا: يلزمه ما عليه.
لنا أنه تكفل ببدنه دون ما في ذمته، فلا يلزمه تسليم ما لم يتكفل به (4).
ولو قال: وإن لم آت به في وقت كذا فعلي ما يثبت عليه، لزمه ذلك إذا لم يحضره - حيا كان أو ميتا - لأنه قد تكفل بما في ذمته [118 / أ]، فيلزمه أداؤه (5).
إذا تكفل ببدن رجل وغاب المكفول به بحيث يعرف موضعه، ألزم الكفيل إحضاره، ويمهل مقدار زمان ذهابه ومجيئه لإحضاره، فإن لم يحضره بعد انقضاء هذه المدة حبس أبدا حتى يحضره أو يموت، لأن شرط الكفالة إمكان تسليمه، والغائب لا يمكن تسليمه في الحال، فوجب أن يمهل إلى أن يمضي زمان الإمكان، وبه قال جميع من أجاز كفالة الأبدان، وقال ابن شبرمة (6) يحبس في الحال ولا يمهل، لأن الحق قد حل عليه (7).