الوديعة فصل في الوديعة المرء مخير في قبول الوديعة والامتناع من ذلك، وهو أولى ما لم يكن فيه ضرر على المودع، ويجب حفظها بعد القبول لها، كحفظ ماله.
وهي أمانة لا يلزم ضمانها إلا بالتعدي، فإن تصرف فيها أو في بعضها، ضمنها وما أربحت، وكذا إن فك ختمها، أو حل شدها، أو نقلها من حرز إلى ما هو دونه، كان متعديا ويلزمه الضمان، وكذا إن لم يكن هناك ضرورة - من خوف غرق أو نهب أو غيرهما - فسافر بها، أو أودعها أمينا آخر وصاحبها حاضر، أو خالف مرسوم صاحبها في كيفية حفظها (1).
وفي البداية للحنفية: له أن يسافر بها وإن كان لها حمل ومؤنة عند أبي حنيفة وما لا ليس له ذلك إذا كان لها حمل ومؤنة (2).
وفيه أيضا إذا قال المودع: لا تسلمها إلى زوجتك فسلمها إليها لا يضمن، وفي الجامع الصغير: إذا نهاه [128 / ب] أن يدفعها إلى أحد من عياله، فدفعها إلى من لا بد له منه لم يضمن، فإن كان له منه بد ضمن، وإن قال: احفظها في هذا البيت فحفظها في بيت آخر من الدار لم يضمن وإن حفظها في دار أخرى ضمن (3).
لنا بعد إجماع الإمامية أنه خالف أمر صاحبها فيكون متعديا وإذا تعدى لزمه الضمان.
وكذا لو أقر بها لظالم يريد أخذها، من دون أن يخاف القتل، أو سلمها إليه بيده، أو بأمره، وإن خاف ذلك، ويجوز له أن يحلف أنه ليس عنده وديعة إذا طولب بذلك، ويوري في يمينه بما يسلم به من الكذب، ولا ضمان عليه إن هجم الظالم، فأخذ الوديعة قهرا.
ولو تعدى المودع ثم أزال التعدي، مثل أن يردها إلى الحرز بعد إخراجها، لم يزل الضمان عنه (4).