ما ذكر جمهور المفسرين: إن كنتم مرتابين في عدة هؤلاء النساء، وغير عالمين بمقدارها، و قد روي أن أبي بن كعب قال: يا رسول الله إن عددا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب الصغار و الكبار وأولات الأحمال، فأنزل الله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض} إلى قوله: {و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}. ولا يجوز أن يكون الارتياب بأنها آيسة من المحيض أو غير آيسة لأنه تعالى قد قطع فيمن تضمنته الآية باليأس عن المحيض بقوله {و اللائي يئسن} والمرتاب في أمرها لا تكون آيسة، وإذا كان المرجع في حصول حيض المرأة و ارتفاعه إلى قولها، وكانت مصدقة فيما تخبر به من ذلك، وأخبرت بأحد الأمرين، لم يبق للارتياب في ذلك معنى، وكان يجب لو كانت الريبة راجعة إلى ذلك أن يقول (إن ارتبن) لأن الحكم في ذلك يرجع إلى النساء ويتعلق بهن.
ولا يجوز أن يكون الارتياب ممن تحيض أو لا تحيض ممن هو في سنها لأنه لا ريب في ذلك من حيث كان [183 / ب] المرجع فيه إلى العادة، على أنه لا بد فيما علقنا به الشرط و جعلنا الريبة واقعة فيه من مقدار عدة من تضمنته الآية من أن يكون مرادا من حيث لم يكن معلوما قبل الآية، وإن كانت الريبة حاصلة فيه بلا خلاف تعلق الشرط به، واستقل بذلك الكلام، ومع استقلاله يتعلق الشرط بما ذكرناه، لا يجوز أن يعلق بشئ آخر كما لا يجوز فيه لو كان مستقلا باشتراطه (1).
وقال الشيخ في الخلاف: الأظهر من روايات أصحابنا، أن التي لم تحض ومثلها لا تحيض، لا عدة عليها وإن كانت مدخولا بها. وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا: تجب عليها العدة بالشهور، وبه قال قوم من أصحابنا.
ويدل على الأول قوله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر} فشرط الارتياب في إيجاب العدة ثلاثة أشهر، والريبة لا تكون إلا فيمن تحيض مثلها (2).
وأما ما يقوم مقام الطلاق: فانقضاء أجل المتمتع بها، وعدتها قرءان إن كانت ممن تحيض، وخمسة وأربعون إن كانت ممن لا تحيض (3).