إذا كان المبيع مما يصح بقاؤه، فإن لم يكن كذلك كالخضراوات فعليه الصبر يوما واحدا، ثم هو بالخيار على ما بيناه، وهلاك المبيع في هذه المدة من مال المبتاع وبعدها من مال البايع (1).
وإذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض، لم ينقطع الخيار. وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: ينقطع.
لنا أن الأصل ثبوته والانقطاع يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه (2).
وإذا اشترى سلعة من غيره ولم يقبضها، فهلك في يد البايع فإنها يهلك من ضمانه، و ينفسخ البيع، ولا يجب على المشتري تسليم ثمنها إليه. إلا أن يكون المبتاع قد أحدث فيها حدثا يدل على الرضا فيكون هلاكه من ماله وفاقا لأبي حنيفة والشافعي إلا أنا نشترط أن يكون البايع لم يمكنه من التسليم.
وقال مالك: من ضمان المشتري وعليه تسليم الثمن إلى البايع، ولا شئ على البايع، إلا أن يكون طالبه المشتري بتسليمه إليه، فلم يسلمه حتى تلف، فيجب عليه قيمته للمشتري (3) .
السبب الثالث للخيار: الرؤية في بيع الأعيان الغائبة التي لم يتقدم من المتبايعين أو من أحدهما رؤية لها، وينقطع هذا الخيار ويزول حكمه بأحد أمرين.
أحدهما: أن يرى المبيع على ما عين ووصف، (4) فإن وجد بخلاف ما عيت ووصف فله الخيار.
وهذا البيع صحيح عندنا إذا ذكر جنسه وصفته وفاقا للشافعي في أحد قوليه، وفي قوله الثاني [96 / أ] وهو الذي يختارونه أنه لا يصح.
وقال أبو حنيفة: يصح ذلك، وإن لم يذكر الجنس. مثل أن يقول: بعتك ما في كمي أو صندوقي، فلا يفتقر إلى ذكر الجنس وإنما يفتقر إلى تعيين المبيع من غيره.
لنا قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} (5) وما روي من قوله (عليه السلام): من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه وقال الشافعي - على قوله الأصح - أن له الخيار على كل حال.