ثبت من خيار المجلس فعبر عن الفسخ بالاستقالة، وقلنا ذلك لأمرين.
أحدهما: أنه ذكر أمرا يفوت بالتفرق، والاستقالة ليست كذلك، وإنما الذي يفوت بالتفرق هو الفسخ بحق خيار المجلس.
والثاني: أنه نهى عن المفارقة خوفا من الاستقالة، والاستقالة غير منهي عنها، لأن الإقالة غير واجبة، وإنما المنهي عنه مفارقة المجلس خوفا من الفسخ بحق الخيار، لأنه مأمور باستئذان صاحبه واعتبار رضاه (1).
أقل ما ينقطع به خيار المجلس خطوة فصاعدا لأنه يقع عليه اسم الافتراق، والزائد يحتاج إلى دليل، وقال الشافعي: يرجع في ذلك إلى العادة. (2) بيع الخيار عندنا على ثلاثة أضرب: أحدها خيار المجلس.
والثاني أن يشترطا حال العقد أن لا يثبت [95 / أ] بينهما خيار المجلس بعد انعقاد البيع.
والثالث: أن يشترطا في حال العقد مدة معلومة يكون لهما فيها الخيار ما شاءا، ثلاثا أو شهرا أو أكثر، فإنه ينعقد البيع، ويكون لهما الخيار في تلك المدة.
وقال أبو حنيفة ومالك: بيع الخيار هو ما يشترط فيه الخيار فيثبت فيه خيار الشرط، [ف] عند أبي حنيفة ثلاثا، وعند الشافعي بيع الخيار ما قطع فيه الخيار، وأكثر أصحابه على ما اخترناه أولا في القسم الأول، وفي أصحابه من قال بالقسم الثاني أيضا، وأما القسم الثالث فلم يقل به أحد وهو ما زاد على الثلاث (3).
والسبب الثاني للخيار: اشتراط المدة له، ويجوز أن يكون ثلاثة أيام فما دونها بلا خلاف، ويجوز الزيادة على الثلاثة، ويلزم الوفاء بذلك، ولا يفسد به العقد (4)، خلافا لأبي حنيفة والشافعي فإنهما قالا: لا يجوز الزيادة على ثلاثة أيام ويجوز أقل من ذلك فإن شرطا أكثر من ذلك كان البيع فاسدا عند الشافعي وعند أبي حنيفة.
لنا على صحة البيع ظاهر القرآن ودلالة الأصل وعلى جواز الزيادة على الثلاثة قوله (عليه السلام): المؤمنون عند شروطهم وقوله: الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب و لا سنة وما روي من قوله: الخيار ثلاث خبر واحد، ثم إذا لم يمنع من النقصان منها لم يمنع من