وكذا لا يجوز الرجوع في السكنى والرقبى والعمرى إذا كانت مدتها محدودة، وقصد بها وجه الله تعالى، والرقبى والعمرى سواء، وإنما يختلفان بالتسمية، فالرقبي أن يقول: أرقبتك هذه الدار مدة حياتك، أو حياتي.
والعمرى أن يقول: أعمرتك كذلك. (1) وإذا علق المالك ذلك بموته، رجع إلى ورثته إذا مات، فإن مات الساكن قبله، فلورثته السكنى إلى أن يموت المالك، فإن علقه بموت الساكن، يرجع إليه إذا مات، فإن مات المالك قبله، فله السكنى إلى أن يموت، ومتى لم يعلق ذلك بمدة، كان له إخراجه متى شاء. ولا يجوز أن يسكن من جعل ذلك له من عدا ولده (2) وأهله إلا بإذن المالك، ومن شرط صحة ذلك كله الإيجاب والقبول على ما قدمناه.
ومن السنة الإهداء، وقبول الهدية إذا عريت من وجوه القبح، ومتى قصد بها وجه الله تعالى وقبلت، لم يجز له الرجوع فيها، ولا التعويض عنها، وكذا إن قصد بها التكرم والمودة الدنيوية، وتصرف فيها من أهديت إليه، وكذا إن قصد بها العوض عنها، فدفع، وقبله المهدي، وهو مخير في قبول هذه الهدية وردها، ويلزم العوض عنها إذا قبلت بمثلها، والزيادة أفضل.
ولا يجوز التصرف فيها إلا بعد التعويض، أو العزم عليه، ومن أراد عطية أولاده، فالأولى أن يسوي بينهم ولو كانوا ذكورا وإناثا، وإن فضل بعضهم على بعض، جاز ذلك (3) بدليل إجماع الطائفة وفيه الحجة.