تحريم عليه، بل يكون المراد الاستقذار والاستهجان، وقد روي من طريق آخر:
الراجع في هبته كالكلب يعود في قيئه (1)، وذلك يصحح ما قلناه، على أنه لو دل على التحريم، خصصناه (2) بالموضع الذي يذهب إليه بالدليل.
والهبة في المرض المتصل بالموت، محسوبة من أصل المال لا من الثلث، بدليل الإجماع المشار إليه، ولا تجري الهبة مجرى الوصية، لأن حكم الهبة منجز في حال الحياة، وحق الورثة لا يتعلق بالمال في تلك الحال، وحكم الوصية موقوف إلى بعد الوفاة، وحق الورثة يتعلق بالمال في ذلك الوقف، فكانت محسوبة من الثلث.
وهبة المشاع جائزة، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأن الأصل الجواز، والمنع يفتقر إلى دليل، ويحتج على المخالف بالأخبار الواردة في جواز الهبة، لأنه لا فصل فيها بين المشاع وغيره.
ولو قبض الهبة من غير إذن الواهب، لم يصح، ولزمه الرد، لأنه لا خلاف في صحة ذلك مع الإذن، وليس على صحته من دونه دليل.
وإذا وهب ما يستحقه في الذمة، كان ذلك إبراء بلفظ الهبة، ويعتبر قبول من عليه الحق، لأن (3) في إبرائه منه منة عليه، ولا يجبر على قبول المنة.
ومن منح غيره ناقة، أو بقرة، أو شاة، لينتفع بلبنها مدة [معلومة] (4)، لزمه الوفاء بذلك إذا قصد به وجه الله تعالى، وكان ذلك الغير ممن يصح التقرب إلى الله تعالى ببره، ويضمن هلاك المنيحة ونقصانها بالتعدي.