والرشد يكون بشيئين: أحدهما: أن يكون مصلحا لماله بلا خلاف، و الثاني: أن يكون عدلا في دينه; فإن اختل أحدهما استمر الحجر أبدا إلى أن يحصل الأمران، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) * (1).
والفاسق سفيه، وأيضا قوله تعالى: * (فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) * (2) فاشترط الرشد، ومن كان فاسقا في دينه كان موصوفا بالغي، ومن وصف بذلك لم يوصف بالرشد، لتنافي الصفتين، وأيضا فلا خلاف في جواز دفع المال إليه مع اجتماع العدالة وإصلاح المال، وليس على جواز دفعه إذا انفرد أحد الأمرين دليل.
وإذا اجتمع الأمران معا جاز (3) على كل حال; فإن ارتفع الحجر ثم صار مبذرا مضيعا، أعيد الحجر عليه، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فالمبذر سفيه وغير رشيد بلا خلاف، فوجب إعادة الحجر عليه، لظاهر ما قدمناه من القرآن، وأيضا قوله تعالى: * (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) * (4) وذمه تعالى للتبذير يوجب المنع منه، ولا يصح ذلك إلا بالحجر.
ويحتج على المخالف بما رووه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: اقبضوا على أيدي سفهائكم (5) ولا يصح القبض إلا بالحجر، وقوله عليه السلام: إن الله يكره لكم ثلاثا: قيل وقال،