قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (كفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما سمع) (1) وهكذا حالنا مع الطحاوي والسرخسي وغيرهما وهكذا حال أبي حنيفة مع أبي هريرة - على مبدأ من فمك أدينك - حال المضطر للأخذ بالقياس والرأي واسقاط بعض مرويات أبي هريرة المجروح على لسان كبار الصحابة ومنهم عمر بن الخطاب. وروى الخطيب في تاريخه عن أبي صالح الفراء قال سمعت يوسف بن أسباط يقول (رد أبو حنيفة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أربعمائة حديث أو أكثر) (2).
عزيزي القارئ إذا قرأت وتأملت ذلك كله حق لك أن تسأل: بأي دستور سماوي وبأي عرف عقلائي فهمه الطحاوي والسرخسي ان أبا حنيفة لا يؤاخذ وإن طعن صحابيا يتوقف عليه جزء كبير من الأحاديث التي عليها مدار الدين عند أخوتنا أهل السنة. أما لو أن مسلما من أتباع آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) جرح أبا هريرة يؤاخذ بل يكفر. بربك ما الفرق أخبرني، كلا الفعلين صدرا من غير صحابي وكلا الفعلين تنازعا مفعولا واحدا فكيف يكون - من هذه الحيثية - أحدهما في النار والآخر في الجنة مع اتحاد السبب والموجب فبأي مسوغ يستسيغ به الطحاوي والسرخسي وأكثر الأحناف أن أبا حنيفة ينتقد أبا هريرة فيعذر ولو أن مسلما صنع مثل صنيعه فهو ضال ومبتدع وله النار يوم القيامة والصحيح أن رحمة الله التي وسعت أبا حنيفة حتى وإن طعن ببعض الصحابة ووسعت كل شئ أعتقد ان الطحاوي والسرخسي لا يخصصان عمومها.