مناقشة الرواية:
1 - إذا أردنا أن نصون السنة المطهرة من منزلقات الانحراف علينا أن نعلم أن الحديث الوارد (خير الناس قرني...) لا يعم الصحابة بالتعديل والخيرية إذ لا يمكن أن يقال كل فرد من أهل قرن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو خير من كل فرد من أفراد القرون السابقة واللاحقة إلا جملة، وبكلمة لا يمكن أن يكون الوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي سماه الله فاسقا هو خير من الحسن البصري! وأن كان الأول صحابيا والثاني تابعيا.
ولقد تنبه النووي في شرحه على مسلم حيث قال: (ورواية خير الناس على عمومها والمراد منه جملة القرون ولا يلزم منه تفضيل الصحابي على الأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم) ولا أفراد النساء على مريم وآسية وغيرهما بل المراد جملة القرون بالنسبة إلى كل قرن بجملته) (1).
والذي نفهمه أن النووي لجأ إلى تفضيل جملة القرن على جملة كل قرن ليتخلص من تفضيل مثل وحشي على مثل يحيى وزكريا (عليهما السلام) ومثل هند أم معاوية على مثل آسية ومريم بنت عمران.
2 - وباعتبار الاختلاف في تحديد منطوق القرن فهل هو يحدد بالسنين؟
أم بالاقتران في الزمن الواحد؟ وإذا كان بالسنين فالقرن كم سنة؟ وإن كان بالاقتران فكم مقداره؟ وتبعا لذلك اختلف السلف في المعنى المراد لرسول الله في قوله: (خير الناس قرني...) وإليك قائمة بأقوالهم:
أ - قيل القرن عشر سنين وهو مذهب الحسن وغيره.