من انقلاب عهدة العين بالتلف إلى اشتغال الذمة بالمثل، ويبقى المثل في الذمة إلى حال الأداء من دون سقوط الذمة بالتعذر، كعدم مانعيته من ثبوتها.
وإن كان مناط المثلية والقيمية كون الشئ ذا مماثل فعلا وعدم كونه ذا مماثل فعلا، فالفرق بين التعذر الابتدائي والطاري واضح، إذ بعد انقلاب عهدة العين إلى ذمة البدل لا بدل له إلا القيمة، لفرض عدم المثل له فعلا، بخلاف ما إذا كان المثل موجودا فعلا فإنه مثلي حسب الفرض فتشتغل الذمة به، وتعذره لا يوجب اشتغال الذمة بالقيمة، إذ لا تضمين آخر ولا تغريم آخر حيث لا موجب آخر.
والموجب الأول فرض تأثيره في اشتغال الذمة بالمثل لوجود مناط المثلية، بل أداء القيمة من حيث أداء مالية ما اشتغلت به الذمة، لا من حيث التضمين والتغريم بالقيمة بعد تضمينه وتغريمه بالمثل، ومن الواضح أن اطلاقات الضمان بضميمة الطريقة العرفية لا تقتضي إلا ضمانا واحدا من الأول، إما بالمثل أو بالقيمة.
كما أن الآية - بناء على استفادة ضمان المثلي والقيمي منها - تقتضي اشتغال الذمة بسبب اعتداء الضامن بالمثل فيما كان له مثل موجود، وبالقيمة فيما لم يكن له مثل موجود من دون تعرض لما يطرء على ما اشتغلت به الذمة من التعذر بعد التيسر أو العكس، حيث لا اعتداء آخر حتى تتكفل لحكم الاعتداء بإزائه.
بل إذا جعلنا الآية متضمنة للتكليف المحض والترخيص البحت لا تتكفل إلا الترخيص في الاعتداء بالمثل فيما كان المثل موجودا، وللاعتداء بالقيمة فيما لم يكن موجودا من دون تعرض لصورة التعذر، لما ذكرنا من عدم موجب آخر حتى تتكفل ترخيصا آخر بالإضافة إلى القيمة.
نعم بملاحظة التسالم على عدم سقوط الإذن في الاعتداء عند طرو التعذر مع عدم موجب آخر لترخيص آخر نقول: إن الموجب الأول قد اقتضى التكليف بالبدل المنحل في الحقيقة إلى مماثل في الطبيعة وفي المالية، وبعد عدم امكان الإذن في الاعتداء بالمماثل في الحقيقة لعدم امكانه، يبقى الإذن بجزئه الآخر على حاله فيجوز له عند التعذر الاعتداء بأخذ قيمة المثل فعلا، فإنها المالية المأذون في