ويمكن أن يقال: - وإن لم أجد من وافق عليه صريحا - أن الحق مصداقا في كل مورد اعتبار مخصوص له آثار خاصة، فحق الولاية ليس إلا اعتبار ولاية الحاكم والأب والجد، ومن أحكام نفس هذا الاعتبار جواز تصرفه في مال المولى عليه تكليفا ووضعا، ولا حاجة إلى اعتبار آخر، فإضافة الحق إلى الولاية بيانية، وكذلك حق التولية وحق النظارة، بل كذلك حق الرهانة، فإنه ليس إلا اعتبار كون العين وثيقة شرعا، وأثره جواز الاستيفاء ببيعه عند الامتناع عن الوفاء، وحق التحجير أي (1) المسبب عنه ليس إلا اعتبار كونه أولى بالأرض من دون لزوم اعتبار آخر، وحق الاختصاص في الخمر ليس إلا نفس اعتبار اختصاصه به في قبال الآخر، من دون اعتبار ملك أو سلطنة له، وأثر الأولوية والاختصاص عدم جواز مزاحمة الغير له.
نعم لا بأس بما ساعد عليه الدليل من اعتبار السلطنة فيه كحق القصاص، حيث قال عز من قائل: * (فقد جعلنا لوليه سلطانا) * (2) وكذا لو لم يكن هناك معنى اعتباري مناسب للمقام كما في حق الشفعة، فإنه ليس إلا السلطنة على ضم حصة الشريك إلى حصته بتملكه عليه قهرا، فإن الشفع هو الضم، والشفعة - كاللقمة - كون الشئ مشفوعا، أي مضموما إلى ملكه، ولا معنى لاعتبار نفس الشفعة، وإلا كان معناه اعتبار ملكية حصة الشريك، مع أنه لا يملك إلا بالأخذ بالشفعة لا بمجرد صيرورته ذا حق.
وكذا حق الخيار هو السلطنة على الاختيار - وهو ترجيح أحد الأمرين من الفسخ والامضاء - لا اعتبار كونه مختارا، فإنه في قوة اعتبار كونه مرجحا أي فاسخا أو ممضيا، مع أنه لا فسخ ولا إمضاء بمجرد جعل الحق، نعم ليس حق الخيار ملك الفسخ والامضاء معا وإلا نفذ امضائه وفسخه معا، مع إنه لا ينفذ منه إلا أحدهما، وكذا السلطنة فإن حالها حال الملك، ولا أحد الأمرين من الفسخ والامضاء، فإن أحدهما المردد لا ثبوت له حتى يتقوم به الملك والسلطنة، بل الملك أو السلطنة يتعلق بترجيح أحد الأمرين على الآخر، فالمقوم لاعتبار الملك أو السلطنة أمر واحد