عنده (رحمه الله) إلا التكليف ولا تكليف بالفعل، فكيف يعقل فعلية الأمر الانتزاعي؟! سواء كان ذلك الأمر الانتزاعي هي السببية أو معنى آخر، وكون الاتلاف مثلا منشأ لانتزاع السببية - لما فيه من الخصوصية المقتضية لوجوب الغرامة - رجوع عن القول بانتزاع الوضع من التكليف وجعله من الأمور الواقعية الغير المربوطة بالشارع كسببية المصالح للأحكام، وسببية الاتلاف المتقدم لوجوب الغرامة حال التكليف خلف، إذ المفروض ثبوت الوضع حال الصغر.
نعم بناء على ما قدمنا مرارا من أن الوضعيات الشرعية والعرفية اعتبارات شرعية أو عرفية، فاعتبار الملك للصغير واعتبار الزوجية له واعتبار استقرار شئ على عهدته أمور معقولة، وإن لم يترتب عليها بالفعل آثار تكليفية وقد مر توضيحه مرارا.
- قوله (رحمه الله): (وليس استيلادها من قبيل اتلاف النماء... الخ) (1).
يمكن أن يقال: إن النطفة وإن كانت من الرجل إلا أنها لما كانت مكملة بدم الأم، وكانت تكونها حيوانا بالقوى المودعة في الرحم، فكأن صيرورتها حيوانا من من قبل الأم فقد أتلفها الرجل على الأب، خصوصا إذا قيل بتكونه من نطفة المرأة وكان اللقاح من الرجل، أو قلنا بأن الولد ينعقد رقا وإنما يصير حرا بالولادة، فإنه إتلاف حقيقة فافهم جيدا.
قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده - قوله (رحمه الله): (والمراد بالضمان في الجملتين هو كون... الخ) (2).
فسر الضمان في الكتاب بوجهين لا يخلو كلاهما عن محذور:
أحدهما: ما اختاره المصنف (رحمه الله) وهو كون المال متداركا بالعوض بحيث تكون الخسارة واقعة في ماله الأصلي، ففي طرف العقد الصحيح يكون المال متداركا