فيرتفع حكمه ولازمه الضمان، بخلاف الأعمال الصادرة من الغير من دون تسبيب أو المنافع الفائتة من دون امساك، فإنه ليس هناك موضوع ضرري ممن يراد تضمنيه حتى يرتفع حكمه.
بل نقول: نفي الحكم الضرري أيضا لا يقتضي الضمان إلا إذا كان للمضمون مساس بالضامن، فالمنافع الفائتة بلا استيفاء ولا تفويت - وإن كان ذهابها مجانا ضررا على مالكها - إلا أن لزوم تداركها على من لا مساس له بها أيضا بلا موجب، لأن نسبتها إليه وإلى غيره على حد سواء، ومجرد انتفاع الشخص بها أحيانا لا يوجب تضمينه، وإلا لزم القول به ولو لم يكن هناك عقد واقدام أيضا.
بل نقول: إن فوات المنافع بقبض العين ليس مستندا إلى امساك المستأجر، بل إلى تخلية المؤجر بين العين والمستأجر سواء تعقبها امساك أو لا، فالتخلية هي المفوتة للمنافع على مالكها لا الامساك حتى يكون ضرريا فيرتفع حكمه.
بل نقول: إن المؤجر إذا كان جاهلا بالفساد فالمانع عن استيفاء منافعه توهم وجوب الوفاء عليه دون تخليته أيضا، نعم في صورة علمه بالفساد كانت نفس تخليته وتمكين المستأجر من العين مفوتا لمنافعه عليه، وامساك المستأجر كالحجر بجنب الإنسان وجوده كعدمه على أي حال ولو كان المستأجر عالما بالفساد، إلا إذا كان المؤجر عالما بالفساد وكان عرفا ملزما بأداء العين لاستيفاء منافعها منها، فحينئذ يكون امساك المستأجر مانعا من استخراج المنافع من العدم إلى الوجود.
- قوله (رحمه الله): (لأنه ليس كالمستوفى له... الخ) (1).
مناط الاستيفاء استخراج المنافع من القوة إلى الفعلية بنفسه، ومناط ما هو كالاستيفاء وصول نفع ما عقد عليه إليه، كما أن مناط الاتلاف اعدام الموجود، ومناط ما هو كالاتلاف - وهو التفويت - المنع من الوجود كالامساك المانع عن انتفاع المالك، ومن الواضح أن سبق السابق لا يعود نفعه إلى غيره ممن يجب عليه أداء