لم يبق تفاوت بين يوم المخالفة ويوم التلف إلا من حيث تنزل القيمة السوقية وترقيها، فلا دلالة لاعتبار قيمة يوم المخالفة على اعتبار أرفع القيم بلحاظ القيمة السوقية فقط.
مع أنه لنا أن نقول بدلالة الصحيحة على عدم اعتبار أرفع القيم على وجه، وذلك لتصريح الإمام (عليه السلام) بقيمة يوم الاكتراء في قوله (عليه السلام) (أو يأتي بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين اكترى كذا) فإن نكتة التعبير بيوم الاكتراء وإن كان لأجل سهولة إقامة الشهود فيه، إلا أن هذه النكتة إنما تصح إذا كانت قيمة يوم الاكتراء متساوية مع القيمة الواقعية المعتبرة في باب الضمان، وذلك لا يكون إلا بأحد وجهين:
إما بعدم تفاوت قيمة البغل في هذه الأيام القلائل، فلا موقع لفرض أعلى القيم في الصحيحة، وإما بكون الاعتبار بقيمة يوم المخالفة وهو يوم بعد يوم الاكتراء (1) مثلا، فالاعتبار بقيمة أول يوم من أيام المخالفة لا بأرفع القيم فتدبر جيدا.
ما استدل به على اعتبار أعلى القيم - قوله (قدس سره): (وفيه أن ضمانها في تلك الحال إن أريد... الخ) (2).
حاصله أن المراد أحد أمور ثلاثة:
الأول: الضمان بالقوة أي وجوب القيمة على تقدير التلف في كل زمان.
الثاني: الضمان بالفعل أي وجوب القيمة في زمان ارتفاعها مطلقا.
والثالث: الضمان الفعلي بنحو يكون استقراره مراعى بالتلف.
والأول لا يفيد، حيث لم يتحقق المعلق عليه في زمان ارتفاع القيمة حتى يجب دفع القيمة المرتفعة، والثاني خلاف ما تسالموا عليه من أن ارتفاع القيمة مع عدم تلف العين غير مضمونة، والثالث لا دليل عليه.
والتحقيق: أن الكل لا يخلو عن محذور: