حال الاكرام لا حال الوجوب، والظالم حين الإهانة لا وقت وجوبها، بخلاف ما إذا قيل " أكرم العالم حال مجئ زيد " أو " أهن الظالم حين كذا " فإن الفعل نسب إلى المشتق المتعين زمان تلبسه، فلا اطلاق حتى يتصور استظهار كونه كذلك حال اسناد الفعل إليه.
فكذا في الآية فإن المثل أضيف بما اعتدى به الضامن، والمالية التي اعتدى بها الضامن - بحيث كان اعتدائه مقتضيا لتغريمه لا لتكليفه بالأداء - هي المالية حال اعتدائه بالاتلاف، فلا يقتضي تعلق الأمر بالاعتداء بالمثل لكون المماثلة بلحاظ حال اعتداء المكلف بالاعتداء، هذا كله بناء على القول ببقاء عهدة العين بعد تلفها وعدم انقلابها إلى ذمة المثل أو ذمة القيمة.
وأما إذا قلنا: بانقلاب عهدة العين عند تلفها إلى ذمة المثل في المثلي وإلى ذمة القيمة في القيمي، فمقتضى القاعدة اشتغال الذمة بمالية العين التي لها التغريم لا المالية قبلا، ولا المالية الغير المتحققة لها إلا بالفرض والتقدير، فكأن خصوصيات العين تلفت وحيثية ماليتها بقيت باعتبارها في ذمة الضامن، فسائر أنحاء المالية إما غير تالفة من ناحية تلف العين، بل لو كانت باقية لم تكن لها تلك المالية ولا تغريمها، وإما غير ثابتة للعين حقيقة بل فرضا وتقديرا، فاشتغال الذمة بكل منهما يحتاج إلى دليل لا بحقيقة تدارك المالية التالفة، بل بعناية أخرى أجنبية عن مقتضيات التغريم، وقد عرفت (1) دلالة الآية على ذلك بناء على استفادة التفصيل منها.
وأما في المثلي المتعذر مثله:
فإن قلنا بانقلاب ذمة المثل إلى ذمة القيمة فتارة نقول بأن اعتبارها اعتبار ذمة مالية العين، وأخرى اعتبار ذمة مالية المثل، فإن قلنا بالأول نظرا إلى ما ذكرنا مرارا أن هذه الاعتبارات في باب التضمينات والتغريمات بعنوان تدارك ما دخل في العهدة بسبب وضع اليد عليه، فمقتضى تدارك مالية العين التالفة بتلف العين هو ملاحظة قيمة العين يوم تلفها.