خضوع الممكن تكوينا للواجب، وانقياده له، فإن الأشياء مؤتمرة بأمره التكويني قهرا، وهذا الاستحقاق أيضا واقعي حقيقي لا اعتباري جعلي.
نعم استحقاق العبادة المجعولة كالصلاة والصيام والزكاة وأشباهها بنفس ايجابها على العباد، فالاعتبار الثابت من قبله تعالى ليس إلا الايجاب، لا اعتبار السلطنة أو الملكية، كما يتوهم لأجله المنع من أخذ الأجرة على الواجبات، بتوهم أنها مملوكة له تعالى، وأكل المال بإزاء ملك الغير أكل بالباطل.
ولا يخفى أن اطلاق الحق على نفس العبادة وحملها عليه كما في قوله (صلى الله عليه وآله): (حق الله على العباد أن يعبدوه) (1) باعتبار الحق بمعناه المفعولي، كالملك بمعنى المملوك على الأعيان المملوكة، وأما بالمعنى الفاعلي القائم بذي الحق فهو نفس الايجاب، الذي باعتبار تعلقه بالعبادة تصير حقا بالمعنى المفعولي، لكنه قوبل مع حق العبد فهو بملاحظة أخرى، وهو أن متعلق الايجاب إذا كان له مساس بالله تعالى - كتعظيمه بالصلاة والانقياد له بالعبادات - نسب إليه تعالى، وإذا لم يكن له مساس به تعالى بل بالعبد، فهو مما وجب منه تعالى مع إضافته إلى العبد بما هو من دون إضافته إليه تعالى.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم: أن الحق الذي يقابل الحكم هل هو مفهوما أو مصداقا هي السلطنة أو الملك أو اعتبار آخر أو اعتبارات مختلفة في الموارد المتشتتة؟.
المعروف أنه السلطنة، وليكن المراد منها السلطنة الاعتبارية لا السلطنة التكليفية الراجعة إلى مجرد جواز الفسخ والامضاء، أو جواز الملك من المشتري في الشفعة وأشباه ذلك، لئلا يورد (2) عليه بأن السلطنة من أحكام الحق لا نفسه، أو لا سلطنة للقاصر على التصرفات مع كونه ذا حق شرعا.
والمراد بالسلطنة الاعتبارية اعتبارها كاعتبار الملك في مورده، لا السلطنة الانتزاعية، لما يرد عليه ما أوردنا على انتزاعية الملك الشرعي أو العرفي حرفا