وإن أريد رضاه بالتصرف مجانا حتى يمنع عن ثبوت الضمان أو التبعة، فالمفروض نسبة الحل إلى نفس المال، لا إلى التصرف فيه حتى يكون الاستثناء ناظرا إلى تقسيم التصرف إلى التصرف الصادر عن الرضا والصادر عن عدم الرضا.
وإن أريد رضاه بعدم التبعة بأن يرجع إلى عدم الحكم شرعا لا إلى موضوع لا حكم له شرعا فهو غير مؤثر قطعا، مضافا إلى أن ظاهر قوله (إلا عن طيب نفسه) - حيث أتى بحرف المجاوزة صدور شئ عن رضاه لا مجرد الرضا بشئ، فيكون ظاهرا في حلية التصرف الصادر عن الرضا.
- قوله (قدس سره): (وإن حرمة ماله كحرمة دمه... الخ) (1).
تقريب اقتضاء احترام ماله للضمان بوجهين:
أحدهما: أن معنى احترام ماله عدم جواز مزاحمته فيه بالأخذ منه قهرا عليه، في قبال الكافر الذي لا ذمة له فإنه يجوز مزاحمته بأخذه منه قهرا عليه، وهذا وإن اقتضى حرمة المزاحمة ما دامت العين موجودة فلا يفيد إلا الحكم التكليفي دون الضمان، إلا أن المزاحمة حدوثا وبقاء محرمة، وعدمه تدارك العين بعد اتلافها إبقاء للمزاحمة فيحرم، فلا بد من رفعها بدفع البدل حتى ترتفع المزاحمة، هذا ملخص ما أفاده بعض أجلة العصر.
وفيه: أن حقيقة المزاحمة في ماله لا تعقل إلا في المال الموجود، ولا تعقل في المعدوم حدوثا وبقاء، فلا معنى لبقاء المزاحمة بعد تلف المال، فلا مزاحمة حينئذ حتى يجب رفعها ليكون عدمه إبقاء لها، نعم لو كان البدل ثابتا في ذمته لأمكن تصور مزاحمة مالكه بعدم تمكينه من التصرف فيه، إلا أن الكلام في إثبات البدل للعين بحرمة المزاحمة، فكيف تكون محققة لموضوعها.
مضافا إلى أن أخذ المال من صاحبه قهرا عليه هو مناط المزاحمة لا عدم تداركه، ولذا لا يجوز التصرف في العين بدفع البدل ابتداء.