نقصت حال الدفع عن حال الأخذ.
والمالية بلحاظ ما بعد تلف العين مالية غير متحققة ولا قائمة بالعين، بل مالية مفروضة بفرض وجود العين، ولا تدارك حقيقة إلا للمالية المتحققة بتحقق العين المأخوذة، لا المالية المقدرة للعين المفروضة، فالمالية التي كانت للعين حقيقة وتلفت بتلف العين عند انقطاع وجوب أداء العين، وحدوث وجوب التدارك ليست إلا مالية العين حال تلفها، فهذه هي المالية الحقيقية الواجب تداركها من دون فرق بين أن تكون العين قيمية أو مثلية تعذر مثلها.
أما الأولى فواضحة، وأما الثانية فلما مر (1) من أن القيمة من باب تدارك مالية العين في طول تدارك العين بالمماثل لها من كل وجه، لا من باب تدارك مالية المثل، إذ المثل مما يتدارك به لا مما يتدارك، ومضمون به لا مضمون، ووجوب التدارك من أحكام المضمونات لا من أحكام ما يضمن به، فالقيمة بدل للعين في طول المثل الذي هو بدل أيضا، وتدارك مالية العين التالفة ولو في طول تداركها بحقيقتها وماليتها لا يقتضي إلا ملاحظة مالية العين يوم تلفها، لا يوم تعذر المثل أو غيره من الأيام التي لا ثبوت للعين ولماليتها حقيقة فيها، هذا بناء على ما يقتضيه حقيقة تدارك مالية العين بحكم الطريقة العرفية.
وأما بناء على دلالة الآية على الاعتداء بالمثل في المثلي وبالقيمة في القيمي، فإن مقتضى المماثل في المالية بلحاظ حال اعتداء المالك المتعلق به، وإن كان القيمة حال الأداء، نظرا إلى ما ذكرنا سابقا (2) من أن ظاهر المشتق أو ما هو كالمشتق إذا نسب إليه شئ هو ما كان متلبسا بالمبدء حال انتساب ذلك الشئ إليه لا حال وجوب الأداء، فإنه لم ينسب الوجوب إلى المماثل بل إلى الأداء، ونفس الأداء نسب إلى المماثل، إلا أن هذا الظهور فيما إذا لم يتعين زمان التلبس وأسند الفعل إلى المشتق مثلا بما هو، كما إذا قال " أكرم العالم " أو " أهن الظالم "، فإنه ظاهر في العالم