ذكرهما في مقام الايجاب لا حاجة إلى ذكرهما في القبول، لأن الظاهر من قوله " قبلت " بعد قول البائع " بعت الكتاب بدينار " هو قبول هذا المعنى، وهذا هو الفارق بين الايجاب والقبول، نعم العربية لا دخل لها في التأكد، فلا محالة إنما يعتبر من حيث الاقتصار على المتيقن من السبب، فيجب اعتبار كل ما يحتمل دخله فيه حينئذ.
- قوله (رحمه الله): (ثم هل يعتبر كون المتكلم عالما... الخ) (1).
حيث إن الانشاء والأخبار وجهان من وجوه الاستعمال، والاستعمال متقوم بلحاظ اللفظ والمعنى وايجاد المعنى باللفظ بالإرادة، فلا محالة لا بد من تصور المعنى بالمقدار الذي يريد إيجاده باللفظ، فإذا تعلقت الإرادة باستعمال اللفظ في نفس معناه وإيجاده به، فلا بد من لحاظه حتى يعقل توجه القصد إليه، فإنشاء ما لا معرفة له به تفصيلا غير معقول، ولا يعقل تعلق العلم بالمردد ليقال بأنه يقصد إيجاد أحدهما الذي هو معنى اللفظ، وإيجاد العنوان الجامع المعلوم انطباقه عليهما ليس إيجادا لمصداقه ولا استعمالا له فيه، وكون اللفظ وجودا لمعناه وضعا معناه أنه وجود له بالقوة، وأما الفعلية فبالاستعمال المتقوم بالقصد واللحاظ، لا بمجرد وجوده خارجا.
إلا أن يقال: لا يقصد وجود المعنى بالذات باللفظ لاستحالته، حتى يحتاج إلى لحاظه تفصيلا، بل الغرض وجوده بالعرض فيكفي في وجوده بالعرض قصده بالعرض، بأن يقصد العنوان المنطبق عليه قهرا فيستعمل اللفظ في معنون هذا العنوان المقصود، وليس استعماله إلا أن يكون وجود اللفظ بالذات وجودا بالعرض لذلك المعنى المقصود بالعرض فتدبر.