أيضا، أو قلنا بالاشتغال بالمثل فقط ليس هناك على الفرض اشتغال الذمة بالقيمة ولا استحقاق القيمة على الضامن، إذ لا معنى للاستحقاق الوضعي المتعلق بنفس العين أو القيمة إلا كونه في ذمة الغير، فليس هناك على الفرض إلا الترخيص في مطالبة القيمة من الضامن، وحينئذ لا مانع من حدوث التكليف بالأداء بمطالبة المالك الجائزة عرفا وشرعا، وليست المطالبة إلا مطالبة ما يجوز مطالبته، ولا يستلزم نفس جواز المطالبة لوجوب الأداء حتى يقال للضامن أداء ما وجب عليه ولو قبل المطالبة، لأن الترخيص إنما يلغو إذا لم يجب الأداء عند فعلية المطالبة، فإنه ترخيص فيما لا أثر له، وأما عند الترخيص فلا موجب للاستلزام واللغوية، فهذه غاية ما يمكن به تقريب مرامه (زيد في علو مقامه).
ومع ذلك فلا يخلو عن شئ، إذ كون المثل هنا في الذمة وعدم ذمة أخرى، بل مجرد جواز المطالبة ككون العين في العهدة وعدم انقلابها إلى ذمة المثل أو القيمة، بل مجرد جواز المطالبة ببدلها، فكما أن جواز مطالبة المالك هناك يلازم وجوب الأداء على الضامن موسعا ويتضيق بفعلية المطالبة، كذلك جواز المطالبة هنا، وكما للضامن هناك المبادرة إلى أداء ما عليه وإن لم يطالبه المالك كذلك هنا، والله أعلم بحقايق أحكامه.
هل العبرة في قيمة المثلي المتعذر يوم الدفع أم غيره - قوله (قدس سره): (إن المشهور أن المعتبر في قيمة المثل المتعذر بقيمته يوم الدفع... الخ) (1).
ينبغي أولا تأسيس الأصل في المقام، ليكون مرجعا عند عدم تعين أحد الاحتمالات المنسوبة إلى الأعلام فنقول:
إن قلنا: بانقلاب عهدة العين بتلفها إلى ذمة المثل، وانقلاب ذمة المثل بتعذره إلى ذمة القيمة، فالقيمة المشتغل بها الذمة مرددة بين ما هو متيقن - وهو الأقل - وما هو