مشكوك - وهو الأكثر - ولا يجب الفراغ إلا عن المقدار الذي يتيقن باشتغال الذمة به.
وإن قلنا: بعدم انقلاب ذمة المثل إلى ذمة القيمة، فإن قلنا ببقاء ذمة المثل إلى حال التفريغ والأداء، فلا يقين بسقوط ذمة المثل إلا بدفع الأكثر الذي يقطع معه بسقوطها، وإن قلنا بعدم بقاء ذمة المثل مع المطالبة بالبدل للغوية اعتبارها حينئذ، بل يجب التدارك بالقيمة، فلا شك حينئذ في عدم بقاء ذمة المثل، وإنما الشك في وجوب أداء الأكثر وتيقن الأقل، فلا يجب أداء الأكثر، هذا على القول بانقلاب عهدة العين إلى ذمة المثل.
وأما بناء على عدم انقلابها، فتارة نقول: بأن العين بعد تلفها باقية إلى الأبد في العهدة، لامتناع غايتها وهو أداء العين المأخوذة، وإنما يجب تدارك مالية ما في العهدة، والواجب مردد بين الأقل والأكثر، ولا شك في بقاء العهدة حتى تستصحب، وأخرى نقول بأن بقاء العهدة بعد تداركها لغو، فأداء البدل من المثل أو القيمة مسقط للعهدة، فيشك في سقوط العهدة بدفع الأقل، ولا يتيقن إلا بدفع الأكثر فيجب أداء الأكثر استصحابا للعهدة.
والتحقيق: أن المالية القائمة بالأعيان التي هي من حيثياتها وشؤونها أمر اعتباري بسيط، لا من الأعراض الخارجية القائمة لها حتى يكون لها قلة وكثرة كالكم المنفصل، أو زيادة ونقص كالكم المتصل، أو شدة وضعف كمقولة الكيف، ولا هي عبارة عن الدينار والدرهم الذين لهما قلة وكثرة، بداهة أن الدينار والدرهم أو الكلي الجامع بينهما ليس حيثية قائمة بالحنطة أو الشعير، بل لهما مالية اعتبارية مساوية لمالية الحنطة والشعير أو غير مساوية.
نعم المالية القائمة بالعين - إذا وجب تداركها بعد تلف العين - مالية مساوية لمالية درهمين مثلا، وحيث إن الباقي مالية محضة فلا يتدارك إلا بما يتمحض في المالية، كالدينار والدرهم وسائر المسكوكات، فالقلة والكثرة ليستا فيما اشتغلت به الذمة، ولا في مالية الدينار والدرهم، بل فيما يتدارك به خارجا مالية العين التالفة في مقام الأداء الذي ليس للمالك الامتناع من أخذه، ولا للضامن الامتناع من أدائه، فلا محالة