ثم إنه عن غير واحد منهم شيخنا الأستاذ في تعليقته (1) المباركة تسليم اختصاص دليل اليد بالأعيان مع ضمان منافعها، نظرا إلى أن من أحكام ضمان العين ضمان منافعها، فلا حاجة إلى اثبات عموم على اليد للمنافع، وهو كلام وجيه في ضمان منافع الأعيان المضمونة، وسيجئ إن شاء الله تعالى الكلام فيه في الأمر الثالث (2) مفصلا.
والكلام هنا في ضمان المنافع مستقلا ولو لم تكن العين مضمونة كما هو مفاد قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده في مثل الإجارة، حيث لا يضمن بصحيحها إلا المنافع دون العين فكذا في فاسدها، ولا يعقل أن يكون ضمان المنافع من حيث التبعية لضمان العين مدركا لهذه القاعدة في مثل الإجارة الصحيحة والفاسدة.
- قوله (رحمه الله): (وإنه لا يحل مال المسلم إلا عن طيب نفسه... الخ) (3).
توضيحه: أن الحلية إذا كانت تكليفية فلا بد من التقييد بأنه لا يحل مال المسلم بلا عوض إلا عن طيب نفسه حتى يفيد الضمان، وإلا فمع عدم التقييد لا يفيد إلا حرمة التصرف فيه بدون رضاه، كما هو مفاد لا يجوز التصرف لأحد في مال غيره بغير إذنه، ويؤمي إلى لحاظ هذا التقييد في مقام الاستدلال ما سيجئ منه (رحمه الله) إن شاء الله تعالى في الأمر الثالث حيث قال: (وأما احترام مال المسلم فإنما يقتضي عدم حل التصرف فيه وإتلافه بلا عوض... الخ) (4).
وفيه أولا: أنه لا شاهد على هذا التقييد.
وثانيا: أن الحلية التكليفية مرتبطة بالتصرف في العين، والعوض المرتبط بحل التصرف هو العوض المسمى، وإلا فالعوض الواقعي للعين التالفة لا للعين الموجودة، فمفاد الخبر بعد التقييد أنه لا يجوز التصرف بلا عوض تراضيا عليه،