وإن قلنا بالثاني نظرا إلى أن اعتبار ذمة القيمة حينئذ لا بعنوان التغريم، بل بمعنى حفظ مالية ما يتعذر تدارك العين به وهو المثل، فالمماثل في الحقيقة والمالية - حيث يتعذر أدائه - وجب أداء ماليته، واشتغلت الذمة بهذه المالية التي يجب أدائها بأداء المثل الذي هو في الذمة، فحينئذ يناسب اشتغال الذمة بمالية المثل حين انقلاب ذمة المثل إلى ذمة القيمة، وهو على التحقيق حال التعذر، لأنه الموجب للانقلاب لا المطالبة، لأن المطالبة بالمالية فرع الاستحقاق، وهو فرع انقلاب ذمة المثل إلى ذمة القيمة.
وإن قلنا بعدم انقلاب ذمة المثل إلى ذمة القيمة وبقاء ذمة المثل إلى أن يصير بنفسه أو بماليته خارجيا، فالاعتبار بقيمة يوم الأداء، لأن الواجب أداء ما للمثل من المالية فعلا، لا أداء ماله من المالية قبلا، إذ الأداء ليس إلا جعل ما في الذمة خارجيا، والمتحقق في الذمة بتحقق المثل فيها هي المالية الموجودة لا المالية المفروضة، لانعدامها بسبب تنزل القيمة السوقية، فأداء تلك المالية أداء بعناية الفرض والتقدير، وأداء المالية الفعلية أداء ما لا يتوقف على الفرض والتقدير، وهذا هو الفارق بين بقاء العين في العهدة إلى زمان التفريغ، وبقاء المثل في الذمة إلى زمان الأداء والاسقاط، فإن العين حيث كانت شخصية وقد تلفت فلا وجود لها إلا بالفرض، ولا مالية لها إلا بالفرض، بخلاف المثل فإنه كلي لا يتوقف اشتغال الذمة به حدوثا وبقاء على وجود شئ يطابقه خارجا فلا تلف له، فماليته حال الأداء مالية متحققة لا مفروضة، فيجب أدائها في الخارج.
- قوله (قدس سره): (ودعوى اختصاص الآية واطلاقات الضمان... الخ) (1).
لا يخفى عليك أن مناط المثلية والقيمية إن كان كون الشئ ذا مماثل نوعا وإن لم يكن موجودا فعلا، وعدم كون الشئ ذا مماثل نوعا وإن كان موجودا أحيانا، فحينئذ التعذر الابتدائي كالتعذر الطاري من حيث الاعتبار بقيمة يوم الأداء على مسلكه (قدس سره)