بالأفعال السببية التي يترقب منها النفوذ، وأما إذا نسبت إلى الأعيان فلا يناسب إلا التكليف، فلذا لا يتوهم أحد أن قولنا " التمر حلال " أي أكله لا بيعه، وكذلك قوله تعالى: * (حرمت عليكم الميتة) * (1).
لا يقال: موضع (2) دليل السلطنة كموضوع دليل الحل هو عنوان المال، فأي فرق بينهما؟!.
لأنا نقول: السلطنة على المال - كما مر - هي القدرة على التصرفات فيه، فيعم المباشري والتسبيبي المعاملي، بخلاف الحلية المضافة إلى المال، فإن ظاهرها - كما في نظائرها - إرادة التكليف، فليس في القدرة ما يوهم الاختصاص بغير الفعل المعاملي، بل لعله المتيقن من مثل السلطنة على المال بما هو مال، بخلاف الحلية المنسوبة ابتداء إلى الأعيان، إلا أن يلتزم بالفرق بين تعلقها بذوات الأعيان كالتمر والخمر والدم والميتة، وتعلقها بالمال بما هو مال، فإن المناسب التصرفات المنوطة بالمالية وهي التصرفات المعاملية، والله أعلم.
- قوله (قدس سره): (ولا ريب في أن الرجوع ليس تجارة... الخ) (3).
قد استدل (قدس سره) بهذه الجملة بفقرتين:
أحدهما: ما في المقام من أن سبب الحل وجواز أكل المال منحصر في التجارة عن تراض، والرجوع ليس تجارة ولا عن تراض فلا يجوز الأكل به، ولو كان الرجوع نافذا ومملكا لجاز الأكل به، وإلا لكان محجورا عن التصرف في ملكه من دون أن يكون شئ من أسباب الحجر عن ملكه محققا، ولا حاجة بناء على هذا التقريب إلى جعل الأكل كناية عن مطلق التصرف حتى التملك بالرجوع، لأن حرمة التملك تكليفا لا يدل على عدم حصوله، وجعل التحريم إرشاديا إلى عدم حصوله لا يلائم تعلق النهي بالأكل، وإن كان ملائما للتعلق بالتملك.