- قوله (رحمه الله): (كما إذا قال بعتك بلا ثمن... الخ) (1).
في الفرع قولان: قول بالضمان وهو نقض على الاقدام الذي هو مدرك القاعدة، وقول بعدم الضمان وهو نقض على نفس القاعدة، حيث إن صحيح البيع يقتضي الضمان، فلا بد من أن يكون فاسده كذلك.
وتحقيق الحال فيه: أن البيع بلا ثمن يتصور على وجوه ثلاثة:
أحدها: أن يقصد حقيقة البيع جدا من دون عوض.
ثانيها: أن يقصد حقيقة التمليك بلا عوض وهي الهبة بلفظ " بعت ".
ثالثها: أن يقصد البيع الذي هو تمليك بعوض، ويكون قوله " بلا ثمن " بمنزلة اشتراط سقوط الثمن في ظرف ثبوته.
أما الأول فإن أراد من الابتداء إيجاد حقيقة البيع بلا ثمن فهو من باب إرادة المتنافيين، لأن حقيقة البيع وذاته شرعا وعرفا متقومة بالعوض وبعدم المجانية، فإيجاده بلا مقومه محال، فلا ينقدح في نفس العاقل الملتفت القصد الجدي إلى إيجاده كذلك.
وإن أراد ابتداء التمليك بعوض بقوله " بعت "، ثم بدا له بعد قوله " بعت " أن يكون بلا عوض، فهو وإن لم يمنع عن الإرادة الأولى لتحققها وتأثيرها في إنشاء الملكية بالعوض، إلا أن الإرادة الثانية إن تعلقت بكون ما وقع تمليكا بلا عوض فهو محال، لأن الشئ لا ينقلب عما هو عليه.
وإن أريد منها ابطال ما أنشأه أولا وتبديله بالتمليك بلا عوض، فهو ابطال للبيع وإيجاد للهبة، فيدخل في القسم الآتي، وعلى أي حال فلا عقد حقيقة حتى يتصف بالصحة والفساد، ليقال إن الاقدام العقدي على عدم الضمان ومع ذلك يقولون بالضمان، أو إن صحيح البيع يقتضي الضمان فكيف يقال في فاسده بعدم الضمان، فلا نقض حينئذ لا على القاعدة ولا على مدركها.
وأما ما يقال في دفع الاستحالة بأنه من باب ادعاء ما ليس ببيع بيعا.