الموارد.
ولذا ربما يقال (1): أن الحق مرتبة ضعيفة من الملك وأول مراتبه، فعدم كون الخمر أو الأرض ملكا - يراد به كسائر الأملاك، لا الملك بهذه المرتبة الضعيفة.
وفيه: أن حقيقة الملك سواء كانت من مقولة الإضافة أو مقولة الجدة ليس لها مراتب مختلفة بالشدة والضعف، حتى يكون اعتبارها في مواردها مختلفا باعتبار مرتبة قوية تارة، واعتبار مرتبة ضعيفة أخرى.
بيانه: أن مقولة الإضافة كما حقق في محله ليس لها وجود استقلالي، بل تابعة للمقولة التي تعرضها الإضافة، فإن كانت من مقولة تختلف بالشدة والضعف - كالكيف مثلا - فلا محالة تتصف مقولة الإضافة بهما تبعا، فالحرارة قابلة للشدة والضعف فتتصف مقولة الإضافة بالأحر وهكذا، وإن كانت من مقولة لا تجري فيها الشدة والضعف فلا تتصف مقولة الإضافة بهما - كمقولة الجوهر مثلا - فإن زيدا المحيط على عين في الخارج ليس له ولا لتلك العين شدة وضعف، حتى تتصف الإحاطة بهما بالعرض.
وأما مقولة الجدة فهي لا تتصف في نفسها بالشدة والضعف، بل تتصف بالزيادة والنقص، فإن الهيئة الحاصلة للرأس من العمامة أنقص من الهيئة الحاصلة للبدن من القميص، فإن الثاني أزيد إحاطة من الأول، لسعة المحيط والمحاط في الثاني دون الأول، واللازم هنا هو التفاوت بالشدة والضعف، فإن شخص هذا المانع لم تتفاوت جدته باعتباره ملكا أو اعتباره حقا، فلا معنى لدعوى تفاوت مراتب الملك شدة وضعفا، وأما زيادة ونقصا فهو أجنبي عما نحن فيه، ضرورة أن المالك للعين والمنفعة أزيد ملكا ممن يملك أحدهما، فتبين أن جعل الحق بمعنى الملك لا وجه له، ودعوى اختلافه بالمراتب فاسدة.
نعم كونه بمعنى اعتبار السلطنة الوضعية ممن يجعل الملك غير السلطنة لا مانع منه، وأما من يرى أن الملك بمعنى السلطنة فالايراد متوجه إليه أيضا.