عوض أن يضمن من هو كالأجنبي عنه - من حيث عدم ارتباطه به، ومجرد انتفاعه بعمله لا يوجب الضمان -، بل المباشر بتوهم وجوب الوفاء هتك حرمة ماله ببذله الذي لا يستحق من قبله شيئا، وإن كان بتوهم الاستحقاق فهو وإن لم يهتك حرمة ماله لأنه أقدم على بذله بالبدل لا مجانا، إلا أنه ليس على الغير حفظ احترامه إلا إذا كان له مساس به، فبذله لمن ليس له مساس به ولا حكم من الشارع باستحقاق العوض له هتك له من هذه الحيثية.
ومن الواضح أن علم المستأجر بالفساد لا يصحح الاسناد، بل هو كغيره ممن له علم بفساد المعاملة، بل ولو وجب عليه الإعلام، فإن الإعلام رافع لما أدخله على نفسه من الضرر، لا أن عدمه يصحح إسناد الضرر والهتك إليه.
مضافا إلى وضوح عدم التصرف من المستأجر في المال من العمل المحقق بلا أمر منه، والمنفعة التي لم يستوفها ولم يفوتها حتى لا يحل بلا عوض.
- قوله (رحمه الله): (مضافا إلى أدلة نفي الضرر... الخ) (1).
بيانه: أن المنفي بقاعدة نفي الضرر تارة هو الحكم الضرري كما عليه المصنف (قدس سره)، فإذا قلنا بشمولها للأحكام العدمية نظرا إلى أن عدم الوجوب وعدم الحرمة ونحوهما تارة يراد عدمهما الواقعي فهو غير مجعول، وأخرى يراد إنشاء عدم الوجوب بقوله " لا يجب "، وإنشاء عدم الحرمة بقوله " لا يحرم " ومرجعه إلى إبقاء العدم على حاله إنشاء وتسبيبا، فهو أمر مجعول وليس مرجعه إلى الإخبار بعدمه الواقعي كما توهم، فحينئذ يكون عدم الضمان قابلا لأن يكون مجعولا، فيكون قابلا لشمول قاعدة نفي الضرر.
وأخرى يكون المنفي هو الحكم بنفي موضوعه الضرري كما هو التحقيق، فلا بد من أن يكون هناك موضوع ضرري ممن يراد تضمينه حتى يرتفع حكمه، فاستيفائه للمنفعة مجانا ضرري، وتفويته منافع العين المملوكة للغير بامساك العين ضرري،