لا تتردد المالية - بلحاظ وقت كذا ووقت آخر - بنحو الأقل والأكثر، بل بنحو التبائن، فإن أنحاء المالية بسائط متبائنة حينئذ، والقلة والكثرة فيما هو مال بالحمل الشائع - وهو الدرهم والدينار - الذي لا تشتغل الذمة بهما، فيشك حينئذ في أن المالية التي قد اشتغلت الذمة بها أو وجب تداركها هذه المالية المتعينة أو مالية أخرى متعينة بتعين آخر، وهما بسيطان متبائنان، فلا مجال إلا للاشتغال فتدبره فإنه حقيق به.
وأما تعيين القيمة في المثلي المتعذر مثله فتحقيق القول فيه هو: أنه إما أن نقول ببقاء العين التالفة في العهدة وعدم انقلابها إلى ذمة المثل أو القيمة، أو نقول بانقلابها، وعلى الثاني أيضا إما أن نقول بانقلاب ذمة المثل إلى ذمة القيمة أو بقائها إلى حال أداء القيمة.
فإن قلنا: ببقاء عهدة العين التالفة إلى حال تداركها بالبدل، فعن غير واحد - منهم شيخنا الأستاذ العلامة (1) - أن الاعتبار بالقيمة حال الخروج عن عهدة العين، لأن مالية العين حال الخروج لا يحتاج إلى عناية، دون ماليتها بلحاظ حالة أخرى من أحوالها وهو حال تلفها أو حال تعذر المثل أو حال المطالبة أو أعلى القيم وهكذا، فهذه الماليات المتفاوتة بتفاوت الأوقات والحالات، وإن كانت مضافة إلى العين لكن تعين بعضها في مقام الاثبات لا يحتاج إلى معين، بل نفس التكليف بأداء مالية العين يقتضي تعين ماليتها عند تعلق الأداء بها، وإلا لكان أداء لما ليس هو مالية العين بالفعل، بل بلحاظ حالة أخرى لا معين لها.
والتحقيق: أن العين الداخلة في العهدة بوضع اليد عليها لها ماليات مختلفة، فتارة تلاحظ قبل حال التلف، وأخرى ماليتها حال التلف، وثالثة ماليتها بعد تلفها وبقائها في العهدة.
فالمالية باللحاظ الأول مالية محققة للعين الموجودة، لكن هذه المالية حين تحققها مع دخول ما قامت به في العهدة لم يكن لها تدارك، بل كان الواجب أداء العين فقط، بحيث لو أدى الآخذ للعين المأخوذة لم يجب عليه تدارك مالية العين إذا