ما يماثله من حيث الطبيعة النوعية ومن حيث المالية أقرب، وبعد عدم التمكن من الجامع بين الحيثيتين يدور الأمر بين تدارك تلك الحصة من الطبيعة بحصة تماثله، وتدارك تلك الحصة من المالية بحصة تماثلها، فلكل من المثل الذي لا مالية له ومن القيمة جهة قرب إلى التالف، فما المعين لخصوص الثاني؟
لأنا نقول: حيثية الطبيعة وإن كانت قد تقصد وتتفاوت بسببها (1) الرغبات، إلا أن الأغراض النوعية العقلائية إنما تتعلق بالمالية، فلهذه الحيثية خصوصية الأقربية إلى التالف، هذا بناء على عهدة العين.
وأما بناء على ذمة المثل فقد مر سابقا (2) أن المراد من المثل ليس هو المماثل من جميع الجهات - أي الطبيعة والمالية - بحدها وإلا للزم أداء ما به تفاوت المثل مع العين عند تنزل القيمة، واسترداد ما به التفاوت عند الترقي ولا يقول به أحد، وكذا ليس المراد منه المماثل في المالية فقط، وإلا كانت المضمونات قيمية مطلقا، ولا المراد منه المماثل في الطبيعة فقط، فإنه وإن كان الظاهر منه عرفا كما تقدم (3)، إلا أن مقام التغريم والتضمين بالمثل يقتضي لحاظ المالية أيضا.
فالمراد منه هو المماثل في الحقيقة وفي المالية في الجملة، بحيث يكون التدارك بمال يماثله في الحقيقة.
فإن قلت: هذا في أصل الحكم باشتغال ذمة المثل فإنه لا يتدارك المال التالف إلا بمال في ذمة الضامن، وأما بعد استقراره في الذمة وسقوطه عن المالية فلا، إذ ليس أداء المثل خارجا تداركا للعين، لتداركها باعتبار المال في الذمة، ولا تداركا للمثل إذ المضمون به لا ضمان له حتى يتدارك، بل عنوانه الوفاء بما في الذمة، والمفروض أنه كلي لا مالية له فعلا، فينطبق على المثل المؤدى خارجا.
وهذا هو الفارق بين تفريغ العهدة عن العين بأداء المثل خارجا، وتفريغ الذمة عن