تتفاوت الرغبات مضمون عندهم بالمثل وإلا فبالقيمة، سواء كان مماثله موجودا أحيانا أو لم يكن له مماثل أصلا، وأما مع الشك في أنهم يحكمون بالضمان بالمثل - وإن وجد من باب الاتفاق - فالأصل ما مر (1).
- قوله (رحمه الله): (لأن ما عداهما يلاحظ مساواته للتالف... الخ) (2).
كونهما ميزانا ومعيارا لفهم مساواة التالف لغيره لا يكون دليلا على تأخر رتبته عنهما، بل الوجه في تعين النقدين أنهما حيث لا تتفاوت بهما الرغبات نوعا، بخلاف غيرهما فلا شأن لهما إلا المالية فهما كغيرهما مما يجري مجراهما في الرواج متمحضان في المالية، فلذا ليس للضامن الامتناع من دفعهما، ولا للمالك الامتناع من أخذهما، فالذمة مشتغلة بالمالية المحضة التي لا مصداق لها إلا النقود، لا إنها مشتغلة بها ولا بالمالية اللا بشرط السارية في كل مال.
ما استدل به على ضمان المثلي بالمثل والقيمي بالقيمة - قوله (قدس سره): (وربما يناقش في الآية بأن مدلولها... الخ) (3).
توضيحه: أن المماثلة تارة بين الاعتدائين، كالضرب في مجازاة الضرب دون القتل والشتم، وأخرى بين مقدارهما كالدرهم الواحد بإزاء الواحد لا الاثنان في قبال الواحد، وثالثة في المعتدى به كالحنطة بإزاء الحنطة مثلا، لا بمعنى الاتلاف في قبال الاتلاف كما في الأول.
فإن جعلنا كلمة " ما " مصدرية غير زمانية فالمعنى فاعتدوا عليه بمثل اعتدائه، وإن جعلناها موصولة فالمعنى فاعتدوا بمثل الشئ الذي أعتدي به عليكم، وحينئذ يحتمل أن يراد بمثل ذلك الشئ في الطبيعة والحقيقة، ويحتمل أن يراد بمقداره لا