ويمكن أن يقال: إن التبديل مجرد جعل شئ ذا بدل سواء كان له مساس بالغير أم لا، والمبادلة هذا المعنى مع المساس بالغير، وينسب الفعل المشتق منها إلى من هو الأصيل في التبديل - كالموجب في البيع -، ومع الأصالة في الطرفين ينسب إليهما التبادل، كما هو الفارق بين المفاعلة والتفاعل في فن الأدبية، فتبين وجه التعبير عن البيع بالمبادلة دون التبديل، هذا بناء على ما هو المعروف من تقوم المفاعلة بطرفين.
والتحقيق خلافه كما تشهد به الاستعمالات الصحيحة الفصيحة القرآنية وغيرها كقوله: * (يخادعون الله) * (1) * (ومن يهاجر إلى الله) * (2) * (ويراؤون) * (3) * (ونافقوا) * (4) * (وشاقوا) * (5) وقولهم " عاجله بالعقوبة "، و " بارزه بالمحاربة "، و " ساعده التوفيق "، إلى غير ذلك مما لا يصح نسبة المادة إليهما، أو لا يراد منها ذلك، بل الظاهر أن هيئة المفاعلة لمجرد تعدية المادة وانهائها إلى الغير، مثلا الكتابة لا تقتضي إلا تعدية المادة إلى المكتوب، فيقال " كتب الحديث " من دون تعديتها إلى المكتوب إليه، بخلاف قولهم " كاتبه " فإنه يدل على تعديتها إلى الغير، بحيث لو أريد إفادة هذا المعنى بالمجرد لقيل " كتب إليه ".
وربما تدل الهيئة المجردة على نسبة متعدية كقولهم " ضرب زيد عمروا " إلا أن إنهائها إلى المفعول غير ملحوظ في الهيئة، وإن كان لازم النسبة، بخلاف " ضارب زيد عمروا " فإن التعدية والانهاء إلى المفعول ملحوظ في مفاد الهيئة، فما هو لازم النسبة تارة ومفاد حرف من الحروف أخرى مدلول مطابقي لمفاد هيئة المفاعلة، ولذا ربما يفهم التعمد والتقصد إلى إيجاد المادة، فيفرق بين ضار ومضار وخدعه وخادعه ونحوهما.
وأما ما ذكروه من الأصالة والتبعية فغير صحيح ثبوتا واثباتا، أما في مقام الثبوت