4 - إن وقائع هذه القضية تعطينا: أن هؤلاء الأعيان من الصحابة حين أعلنوا عدم شرعية ما أقدم عليه أبو بكر وحزبه، واعتبروا ذلك تعديا وغصبا، ومخالفة صريحة لأوامر النبي الأعظم (ص)، فإنهم قد انطلقوا في مواقفهم هذه. من ثوابت عقائدية، واستحبابه لشعور ديني وضميري وهاج ومرهف.
ولكن هذه المواجهة - رغم ذلك - لم تتحول إلى غوغائية، أو حالة انفعالية، رغم استفزاز الحكم لهم، ومحاولته تطوير الصراع، لأنه كان يرى: أن من مصلحته تصعيد التحدي ليتفادى المأزق الذي يجد نفسه فيه، وهو يرى نفسه عاجزا عن تبرير ما أقدم عليه بصورة منطقية ومعقولة.
ومن جهة أخرى، فإن هذه المعارضة قد عبرت في رفضها الاستجابة إلى استفزازات السلطة، عن أن ذلك ينطق من التزامها الدقيق بطاعة قيادتها، ومن انضباطية صارمة وملفتة للنظر، فهي التي تقرر حجم الصراع ومستواه، وأساليبه ووسائله، وهي التي تفرض ما تقرره على خصومها أيا كانوا.
(5) إن خالد بن سعيد بن العاص الأموي قد وصف عليا هنا ب " الوصي ". ونود أن نذكر القاري الكريم بأن هذا اللقب له عليه السلام كان معروفا لدى الصحابة، ولدى عموم الناس، وكانوا يطلقونه عليه صلوات الله وسلامه عليه في كثير من المناسبات، وقد ذكر المعتزلي طائفة من الأشعار والأرجاز التي أوردت هذا اللقب " (1). وتجده يتكرر كثيرا في كلمات وأشعار وأرجاز الناس في حربي الجمل وصفين، وغيرهما.