نعمة الله كفرا، وأحلوا قومهم دار البوار، جهنم يصلونها وبئس القرار) (1).
عهد قريظة مع الأوس وعهدهم مع النبي (ص):
والغريب في الأمر أن نجد بني قريظة يلجأون إلى سعد بن معاذ نفسه لينقذهم من ورطتهم، وذلك استنادا إلى الحلف الذي كان بينهم وبين الأوس.
مع أنهم هم أنفسهم قد نقضوا حلفهم مع محمد (ص) وأعلنوا بذلك صراحة لسعد بن معاذ نفسه، وقالوا له: أكلت (كذا) (1) أبيك، فهذا النقض للحلف، الذي جرهم لهذا المصير الأسود، قد كان سعد الطرف الرئيس فيه، وقد حاول معالجته لصالحهم، فلم يفلح، وأظهروا من الخبث ما جعله يعرفهم على حقيقتهم، ويطمئن لما هم فيه من سوء نية، وخبث طوية. وها هم اليوم يطالبون سعدا بترميم ما نقضوه من عهد استنادا إلى عهد آخر.
لكن الفرق بين العهدين كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار، وكان سعد مدركا لذلك بلا ريب، فإن عهدهم مع الأوس قد فرضته ظروفهم الجاهلية، التي لا تتبنى العدل وقضايا الإنسان والانسانية أساسا لما تبرمه من عهود أو تقوم به من تحالفات.
أما عهدهم مع النبي والمسلمين، فقد فرضته قضية الإنسان، وضرورات الحياة الكريمة، والفاضلة، والحرص على إنسانية الإنسان، وبهدف إسعاده، وإبعاد الشرور والآفات عنه.