تآمر اليهود من جديد:
وكان يهود بني النضير في خيبر، ويهود خيبر ينتظرون نتائج حصار بني قريظة، فبلغهم ما جرى عليهم، فأنحوا باللائمة على حيي بن أخطب، وبلغ النساء، فشققن الجيوب، وجززن الشعور، وأقمن المآتم. وضوى إليهن نساء العرب.
وفزعت اليهود إلى سلام بن مشكم، وسألوه عن الرأي، فقال لهم: محمد قد فرغ من يهود يثرب، وهو سائر إليكم، فنازل بساحتكم، وصانع بكم ما صنع ببني قريظة.
قالوا: فما الرأي؟
قال: نسير إليه بمن معنا من يهود خيبر، فلهم عدد، ونستجلب يهود تيماء، وفدك، ووادي القرى، ولا نستعين بأحد من العرب، فقد رأيتم في غزوة الخندق ما صنعت بكم العرب، بعد أن شرطتهم لهم تمر خيبر، نقضوا ذلك وخذلوكم، وطلبوا من محمد بعض تمر الأوس والخزرج، وينصرفون عنه. مع أن نعيم بن مسعود هو الذي كادهم بمحمد ومعروفهم إليه معروفهم.
ثم نسير إليه في عقر داره، فنقاتل على وتر حديثه وقديم فقالت: اليهود: هذا الرأي.
فقال كنانة بن الربيع بن أبي التحقيق: إني قد خبرت العرب، فرأيتهم أشداء عليه، وحصوننا هذه ليست مثل ما هناك، ومم لا يسير إلينا أبدا لما يعرف.